مقالات

لبنان إلي أين ؟

✍️ يوحنا عزمي 

أتوقع ان تكون الحرب بين مقاتلي حزب الله والجيش الإسرائيلي عند اقتحامه البري لجنوب لبنان شرسة ودموية وعنيفة للغاية ولن تكون كحرب غزة .. وسوف تكون ضريبة الدم المدفوعة فيها من الطرفين فادحة ومكلفة جدا وفوق ما يمكننا تصوره الآن.


أتوقع ايضا ان تعمد إسرائيل إلي تصعيد وتكثيف ضرباتها التدميرية بأسلحتها الجوية الهجومية لكل قواعد ومعاقل حزب الله في طول هذه المنطقة وعرضها لافقاده كل مصادر قوته ولتدمير كل بناه التحتية ولسد الطريق أمام تجدد خطره مستقبلا علي أمنها وعلي سلامة مستوطناتها الشمالية ، وهذه الضربات التدميرية الساحقة والمركزة والمتواصلة وبنوعيات من الأسلحة الأمريكية المصممة لهذا النوع من المهام والأغراض القتالية الصعبة ، قد تجعل من مدن الجنوب اللبناني صورة اخري من غزة ورفح وخان يونس وبما يجعل من المستحيل عودة سكانها إليها في الأمد المنظور.

لا اصدق المزاعم التي يروج لها الإسرائيليون الآن من    ان عمليتهم البرية التي يحشدون لها كل هذه الأسلحة والقوات وبهذا المستوي من التخطيط والتجهيز والإعداد ، سوف تكون عملية محدودة الهدف وقصيرة الأمد وانها قد تدوم لأيام ولكن ليس لشهور كما يقولون ..

يريدون بذلك ان يصوروها في حجم اقل من الحجم الحقيقي الذي سوف تاخذه .. اي أنها سوف تنتهي بإقامة المنطقة العازلة التي يرونها ضرورية او كافية لإزالة التهديد لمستوطناتهم القريبة من الحدود اللبنانية وعودة الإسرائيليين من سكان تلك المستوطنات إليها سالمين ، وان هذا هو الهدف الأساسي من حربهم في جنوب لبنان.

ما يقولونه ويحاولون ان يملأون أجهزة الاعلام الدولي   به هو للتخفيف من وطأة حربهم في لبنان علي الرأي العام الدولي وهم الغارقون في حربهم علي غزة حتي  الآن ، واعتقادي هو ان أهدافهم من حربهم في لبنان سوف تتجاوز هذه الأهداف الضيقة والمحدودة والمباشرة التي يمكنهم خداع الرأي العام الدولي بها ، لتصبح أهداف إستراتيجية بعيدة المدي وفق مخططات جيوسياسية جاهزة ومعدة سلفا لهذه الحرب التي سوف يتسع مداها وتكبر اهدافها في سياق ما ينوون تنفيذه من عمليات لن تترك شيئا في جنوب لبنان علي حاله بعد تحويله هو الآخر إلي ركام وأطلال وإلي أرض محروقة لا تصلح للحياة .. وبما سوف يحدث في لبنان وقد يمتد إلي إيران سوف تتغير الصورة برمتها في الشرق الأوسط .

واتصور ان هذا هو ما يعنيه نتنياهو أنه لن يكون هناك مكان في الشرق الأوسط او في العالم بعيد عن يد إسرائيل التي لن تسمح بوجود اي تهديد لأمن شعبها وقال ان إسرائيل ستبقي إلي الابد.

وإذا كان نتنياهو يتحدث إلي العالم بكل هذه الثقة والغطرسة حول قوة إسرائيل وما يمكنها ان تفعله ، وحول تغيير هائل في موازين القوي الإقليمية يحدث  الآن لصالحها وكيف ان الشرق الأوسط الذي يخططون   له في تل أبيب لن يكون مجرد إمتداد للشرق الأوسط الحالي كما كان يحدث في كل مرة ، فلنا ان ناخذا من   كل ما يقوله نتنياهو شاهدا علي ان الحرب الإسرائيلية علي لبنان لن تكون نقطة النهاية في هذا المخطط الإستراتيجي الإسرائيلي الجديد والخطير وانما قد تكون بداية مرحلة اكثر خطورة من العنف والحرب والصراع الشامل الذي قد ياخذ الشرق الأوسط كله معه إلي الهاوية وهذا هو ما يجعلني متشائما وإلي ابعد حد بهذه الحرب المأساوية التي بدأت لتوها في لبنان والتي تنذر بالكثير جدا مما لا تحمد عقباه وهو ما يجعلني لا آخذ علي محمل الجد ما يتردد هنا وهناك من ان الحل لأزمة هذه الحرب سوف يتحقق مع العودة إلي تطبيق القرار ١٧٠١ ، فهذا تصور ساذج مع مخطط إسرائيلي بهذا الحجم وبهذه التكلفة وبهذا النوع من الإخراج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!