بقلم: ندى يحيى
كتبت له الكثير من الرسائل التي لم تصل. ترددت كثيرًا تلك الليلة في الإفصاح عن حقيقة ما أشعر به عندما سألني: “هل أنتِ على ما يرام؟” اعتدنا على ألا تكون الإجابة بالحمد فقط، بل تعاهدنا دائمًا على وصف ما نشعر به حقًا مهما كان سوءه، إلا أن تلك المرة كانت الكذبة الأولى: “كل شيء على ما يرام”. كانت تلك إجابتي رغم اجتياح الفوضى لأحشائي.
ظللت ساكنة لساعات بعدها أتأمل سقف غرفتي الذي ألجأ إلى النظر إليه في كل مرة أشعر فيها وكأن العالم يخنق أفكاري، يقيدها، ويمنعني من الاختلاء بها جيدًا.
أشعر بشيء ما تجاه ما بيننا، أمر ما يمنعني من الإفصاح له عن الفوضى.
وكأنني أدركت لوهلة أنني ما عدت قادرة على ترتيب كل شيء بمفردي، أو أنني تجاوزت حد التعلق الآمن به. وقعت من جديد هنا في هذا الفخ بين يديه، شيء ما يدفعني إليه كلما تجاوزته، أيعقل أن كل مخاوفي منه تركض إليه؟
لماذا ينتابني شعور دائم أن الوقت يعيد نفسه؟ لم تعد رائحة الجو وحدها تذكرني بما فات هنا في نفس المكان، بل الأحداث أيضًا تتكرر بشكل يثير رعب كل ما ركضت منه بداخلي.
شيء ما يبحث عما أغلقت عليه لسنوات، عن إجابات الأسئلة الضائعة، أيعقل؟
عدت إليه رغم أنه المذنب الأول، تجاهلت الكثير ونظرت إليه نظرة طفل بريء يرغب في العودة لمنزله فقط.
فكيف للمرء أن يقرر تكرار طعن نفسه في منتصف الجرح وهو يعلم أنه لا نجاة من الموت مرتين؟ جميعنا نركض حول شيء ما يقيدنا، نشتكي البعثرة ونذهب إليها بأرجلنا، نطلب معاشرة القتلة رغم أننا نعلم أنهم السم في العسل.
الجميع مغفل في قصة ما رغم تباهيه بعظمة التخلي، الجميع ترك هنا في المنتصف رغم قوة التشبث، جميعنا خرجنا بأطراف مخدوشة، والبعض فقد جزءًا منها فدية للنجاة من ثقب أسود كاد يبتلعه.
ولكن ماذا عن نجاتي أنا؟ هل ما زالت لعنة الكارما تحيط بي أم بهم؟ من المقصود بهذا التكرار؟
وإلى أن نعرف الطريق الآمن سنظل نطلب النجدة من القاتل، نشرب العسل من يديه، ونصبح ضحية “ومن الحب ما قتل”