مقالات

السياسة الأمريكية تجاه إيران : تصعيد الضغط نحو تغيير المعادلات الإقليمية

✍️ يوحنا عزمي 

أعتقد ان السياسة التي تنوي إدارة الرئيس الأمريكي ترامب تنفيذها لاحتواء إيران سوف تتصاعد ، وتجري من الآن فصاعدا علي قدم وساق وسوف تمضي إستراتيجية تكسير اذرعها الإقليمية المسلحة التي تعتمد عليها وتتحرك بها خارج أراضيها لإبعاد شبح حرب كبيرة عنها تكون طرفا مباشرا فيها ، بوتيرة اسرع واعنف ، ولن تتوقف.

وإذا كانت إسرائيل قد تكفلت بهذه المهمة مع حزب الله في لبنان وتركيا مع نظام بشار الأسد في سوريا وهو الحليف الإقليمي الإستراتيجي الأول لإيران ، فإن المؤشر بدأ ينتقل الآن إلي ميليشيات الحوثي المسلحة في اليمن ، بتصنيف امريكا لهم كجماعة إرهابية دولية ، وهو توصيف سوف تكون له تداعياته وعواقبه الكارثية بالنسبة لهم ولايران باعتبارها داعمهم الاكبر ، بالتمويل والتسليح والتخطيط والتدريب. وسوف يدفعوم ثمنا فادحا فيه بادراجهم علي لوائح الإرهاب الدولي والعقوبات الأمريكية والدولية مهما تظاهروا أمام شعوبهم والعالم بعدم اكتراثهم او تأثرهم بها ، وقد يتسع هذا التصنيف إلي المليشيات الشيعية المسلحة التي تعمل كاذرع لإيران في العراق وتدين لها بالولاء التام ، ووقتها سوف يجد العراق نفسه أمام خيارات صعبة وقرارات خطبرة ومكلفة في الداخل والخارج ..

وسوف يبدو هذا واضحا إذا ما اصرت إدارة ترامب علي نزع أسلحة تلك المليشيات ليصبح السلاح بيد الدولة العراقية وحدها .. وهو ما ارجحه ولا استبعده كخطوة لم يعد العراق بعيدا عنها.

ومما سوف يحفز الإدارة الأمريكية علي التحرك ضد إيران بحسم اكبر وبشكل أسرع ، التصريحات التي جاءت علي لسان الأمين العام للأمم المتحدة جوتيريتش ، ومدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية جروسي من ان إيران في طريقها قريبا إلي إنتاج سلاح نووي مع وصول عمليات تخصيب اليورانيوم في مفاعلاتها النووية إلي النسب والمعدلات العالية التي تسمح لها بذلك ..

وهو ما يعني ان طريق أمريكا وإسرائيل إلي الهجوم علي مفاعلاتها النووية لتدميرها بات في حكم المؤكد مع توافر كل تلك القرائن والشهادات الدولية حول خطورة البرنامج النووي الايراني ، ولم يعد سوي مسألة وقت لا اكثر وهو ما أتصور ان خططه معدة وجاهزة منذ فترة وبقي تنفيذها مؤجلا مع تغير الإدارات الأمريكية من اوباما إلي بايدن إلي ترامب.

وقد تكون خططهم الموضوعة لحربهم القادمة علي إيران اوسع نطاقا من مجرد الاكتفاء بضرب مفاعلاتها النووية وحدها لأن تدميرها وان كان عملا عسكريا كبيرا وخطيرا بحد ذاته وله تبعاته الأمنية المهمة ، إلا انه لن يكون وحده كافيا لحل مشكلات امريكا وإسرائيل المزمنة مع إيران كقوة إقليمية كبيرة معادية لهم ويعتبوونها المحرض الاكبر والاخطر ضدهم داخل المنطقة وخارجها .

ومن هنا أتصور ان رهانهم الأكبر قد يكون علي إسقاط النظام الديني الحاكم في ايران نفسه كأولوية مهمة علي اعتبار ان التخلص منه واجتثاثه من جذوره سوف يكون شرطا ضروريا لتغيير الكثير من الحسابات والمعادلات الجيو سياسية والأمنية في الشرق الأوسط ، ويمهد الطريق امام بناء شرق أوسط جديد ومختلف لا يكون لإيران دور رئيسي فيه .. وانما يكون هذا الدور لشركاء امريكا الإقليميين الآخرين ممن تلتقي مصالحهم وتتوافق سياساتهم معها .. ويجدون فيها الشريك الإستراتيجي القوي الذي يثقون فيه ويمكنهم الإعتماد عليه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!