مقالات

الشرق الأوسط الجديد : نحو حل الدولتين والسلام الشامل

✍️ يوحنا عزمي 

يخطيء كل من ينظر إلى قضايا الإقليم ويحلل كل قضيه بمعزل عن القضايا الأخرى ، فطالما نظرت الدول الكبرى للشرق الأوسط على أنه وحده سياسيه وجغرافيه واحده حيث كانت معظم دول الإقليم تابعه للدوله العثمانيه ثم انتقلت إلى الدول الاستعماريه الأوروبية من خلال معاهدة سايكس بيكو ، وما يزال النفوذ الأكبر في هذا الإقليم للدول الأوروبية.

ان ما يجري في إقليم الشرق الأوسط على إمتداده الجغرافي منذ الإحتلال الأمريكي للعراق وما تبعه من ثورات وحروب بعد ان كان يتمتع هذا الإقليم بهدوء تخلله بعض الحروب الصغيره.

وبعد ان أعلنت أمريكا توجهها لاقامه الشرق الأوسط الجديد على أسس جديده وظلت الولايات المتحده تشعل الحروب والتوترات في اليمن وسوريا والسودان وليبيا وغيرها من الدول ضمن صراع نفوذ دولي لم يشهد له اقليمنا مثيلا سوى ذلك الذي حدث بعد إنهيار الدوله العثمانيه.

لقد أعلنت امريكا انها ستنشيء الشرق الأوسط من خلال الفوضى الخلاقة ولقد استمرت الفوضى في الإقليم بشكل كبير منذ العام 2003 وحتي الآن فلم تحل اي قضيه سواء في ليبيا او اليمن او السودان.

وقد بدأت بعض الحلول في سوريا من خلال الانهيار الدراماتيكي والتحول السلمي للسلطه في سوريا ، وايضا من خلال سحب البساط من تحت ارجل المشروع الإيراني والذي سُمح له بالتمدد والتوسع في لبنان وسوريا ورأينا هذا المشروع ينهار خلال أيام فتم ترتيب الأوراق في سوريا وايضا تنحى حزب الله جانبآ وسمح بقيام دوله في لبنان وسمح بانتخاب رئيس ليس على هواه وسمح ايضا بانتخاب رئيس وزراء من غير الموالين له وهذا الأمر لم يكن بالسابق ليسمح به الحزب لولا التغيرات الإقليمية الكبيره التي حدثت والتي ستحدث في الإقليم ، ووقع الحزب على تراجعه لشمال نهر الليطاني ووافق من خلال حليفه بري على امور كثيره وربما يوافق في القريب العاجل على تسليم سلاحه ، وفي سوريا حلت تركيا محل إيران واصبح القاده السوريين الجدد قاده سوريا المعترف بهم دوليا بعد ان كانوا يتهمون بالإرهاب وبعد ان كانت رؤوسهم مطلوبه اصبحوا بكل بساطه قاده سوريا الشرعيين.

أما في فلسطين فيبدو ان إسرائيل قد أعطيت الفرصه لترتيب المنطقه لحلول كبرى فمسحت مخيمات غزه وها هي تواصل تهديم مخيمات الضفه الغربيه من أجل التخلص من رمزيه المخيم التي تخبرنا كل يوم عن إجرام الحركه الصهيونيه وعن ما فعلته من سرقه للأرض ومن تهجير قسري للسكان من مدنهم الأصلية.

لكن إسرائيل بالرغم من ما فعلته في غزه وما تفعله في الضفه لا يمكنها ان تقرر مصير إقليم الشرق الأوسط لوحدها ولا يمكنها القفز فوق حقوق الشعب الفلسطيني وعن حقه في أقامه الدوله الفلسطينيه المستقله والتي بذل الفلسطينيون الغالي والنفيس في سبيل قيامها والتي قادت قيادته جهودا دبلوماسيه كبيره نجحت في اعتراف اكثر من ١٤٩ دوله بهذه الدوله وحصلت على مقعد دوله مراقب بالأمم المتحده.

وايضا قامت السعوديه بتشكيل تحالف حل الدولتين والذي يعتبر من افضل الخطوات العمليه لتحقيق حل الدولتين والذي ضم دولا أوروبيه مؤثره ودول عربيه وإسلامية وازنه والذين يسعون لمقايضه امريكا ودول العالم بالسلام مقابل تحقيق مصالح الأطراف المختلفه ، وحل الدولتين تعبير عن الرؤيا الأمريكية لحل الصراع في الشرق الأوسط والذي كان قد خرج به جورج بوش الإبن ، فحل الدولتين هو يعبر عن الرؤيا الأمريكية والذي تبنته السلطه والدول العربيه.

في ذلك الحين ربط جورج بوش الأبن قيام دوله فلسطينيه بالأمن القومي الأمريكي ، وحاول مع الإسرائيليين ومن بعده كلينتون لتطبيق هذا الحل لكنه فشل ومن أسباب فشل الرؤيا الأمريكية هو ان القياده الفلسطينيه تفاوضت مع إسرائيل بشكل سري وتوصلت إلى اتفاقيه اوسلوا والتي لم تشارك بها الولايات المتحده ولكنها وقعت عليها كضامن فيما بعد ، وبحسب الرئيس الفلسطيني أبو مازن والذي صرح بأن اتفاق اوسلو كان اتفاقا سريا ثنائيا لم تعلم به الولايات المتحده.

واليوم انا مقتنع اكثر من اي وقت مضى ان السلام الشامل والكبير سيحل بالمنطقه بالرغم من الدمار الهائل الذي نشاهده وبالرغم من تشاؤم الغالبيه وربما عدم ثقتهم بإمكانية قيام سلام شامل.

وذلك لأن الأطراف الدوليه خاضت صراعات عنيفه طوال العشرين عام الماضيه على طول الإقليم وعرضه ونفس هذه الأطراف كانت تتفاوض من اجل الوصول إلى حلول في المنطقه قد تستمر لاعوام طويله قادمه ذلك ان الأطراف الدوليه والإقليمية تضررت مصالحهم جميعا في المنطقه واصبح الجميع خاسرين من إستمرار الفوضى والصراع وأنه أن الأوان للحلول السلميه طويله الأجل.

وربما يستغرب من هذا الطرح وفي هذا الوقت الكثيرين من الأصدقاء لكني أرى ان عمليه ٧/١٠ هي شبيهه بحرب اكتوبر عام ١٩٧٣ والتي اعتبرها البعض خرب تحريكيه لتحريك عمليه السلام والتي تمخض عنها كامب ديفد ، وكذلك عمليه ٧/١٠ سيتمخض عنها حلول كبيره وربما تكون الولايات المتحده وإسرائيل وبعض الدول الأخرى قد خططت لهذه العمليه وساعدت باخراجها من أجل إحداث التغييرات الكبيره التي حصلت وفي مقدمتها إنهيار محور إيران وابعاد المقاومه عن غزه وعن لبنان وانهاء اي دور مقاوم بالمستقبل وتهيئه الرأي العام العربي والإسرائيلي للقبول بالحلول السلميه وربما تحدث تغيرات كبيره نحو الحلول السلميه ذلك ان كونداليزا رايس كانت قد أعلنت ان استكمال مشروع الشرق الأوسط الكبير سيتم في العام 2026 والذي بتنا قريبون جدا منه.

الحل سيشمل كل الدول العربيه من ليبيا إلى السودان واليمن وغيرها من الدول وما يشجعنا على ذلك هو وجود مشروع عربي متفاهم مع إيران وتركيا تقوده السعوديه والأردن ومصر والإمارات ، وهذا المشروع العربي يعمل بتفاهمات كبيره مع تركيا ومع إيران ومع الولايات المتحده وكذلك مع أوروبا.

لقد فشل العرب كدول وكتنظيمات منذ حوالي مائه عام ، حيث بدأ الكفاح المسلح منذ ثوره ١٩٢٩ ثوره البراق وحتي عمليه ٨/١٠ /٢٠٢٣ ، حيث خاضت الدول العربيه حرب ١٩٤٨ و١٩٦٧ و ١٩٧٣ وبدأت حرب منظمه التحرير وعملياتها العسكريه منذ العام ١٩٦٥ إلى ان وصلت لحرب لبنان ١٩٨٢ ومن بعدها خاضت التنظيمات الإسلامية حروبها المسلحه منذ العام ٢٠٠٨ وحتي الان ، حيث لم تتمكن اي من هذه الحروب من تحرير شبر واحد من خلال الأعمال العسكريه والكفاح المسلح ، فهل سينجح العرب ومعهم الفلسطينيون كمجموعه متفاهمه من خلال التفاوض والدبلوماسيه من تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه بالحروب.

انا واثق أنهم معا ومن خلال تعاونهم مع الفلسطينيين من تحقيق ذلك لأن هذا يتوافق مع المصالح الأوروبية والأمريكية التي ستضغط جميعها لتحويل إسرائيل إلى دوله طبيعيه وليس دوله ذات طبيعه حربيه تثير القلاقل والنزاعات والحروب في الاقليم ، علما ان إسرائيل كدوله مشروع استعماري غربي ترفض وبكل قوه الجلوس على طاوله المفاوضات وترفض بكل ما أوتيت من قوه المشاريع السلميه بالمنطقه.

اما بالنسبه لمشاريع التهجير من غزه او الضفه فلا يوجد اي فلسطيني او عربي سواء قائد او مسؤول يمكن ان يوافق على مثل هذه الأفكار الخبيثه ، وربما يحدث هجره طوعيه لأعداد قليله من السكان كما يحدث وحدث سابقا من خلال الحصول على فرصه عمل او أقامه بالخارج اما الهجره القسريه فمصر والأردن والدول العربيه وفلسطين لا يمكن ان يمرروا مثل هذه المشاريع المشبوهه ، ولذلك فلابد من حلول عادله ترضي الشعب الفلسطيني وهذا ما سيحدث.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!