بقلم – جلال الدين محمد
طافت الكثير من الضغوط حول عقلي في حياة الكبار التي وجدت نفسي فجأة محاصرًا فيها، رغبت في قضاء يوم العطلة نائمًا كرجل أربعيني سمين ذي بطن كبيرة مليئة بالدهون، ولكنه كان يوم الجمعة الذي يجب فيه زيارة العائلة، وإلا واجهت غضب أمي وصراخها وبصراحة أفضل دعائها.
شعرت أن وعاءًا من الماء البارد قد سقط على رأسي، حين اكتشفت ما خططت له العائلة، سوف نزور جارتنا المزعجة للاطمئنان عليها بعد عودتها من السفر، كنت أعلم ما وراء تلك الزيارة، وهو مقابلتني بابنتهم ربما “الدنيا تمشي ونفرح بيك”.
دخلنا ونحن نحمل العصير والحلوى، وجلسنا في غرفة الصالون الذي شكلت ألوانه موجة إزعاج لم أستطع تحديد ما إذا كانت هي التي تدفعني للجنون أم صوت المرأة التي تُريدها أمي أن تكون حماتي المستقبلية، حماها الله وأعني هنا أحرقها.
وعلى مرمى البصر جلست كومة من مساحيق التجميل أمامي، لم أتمكن من تبين الملامح الحقيقية للفتاة من كثر ما وضعت من مساحيق، شعرت أنه لو نفضها أحدهم فسوف يُصاب بالسعال من المساحيق التي سوف تدخل جهازه التنفسي. أمنيتي في هذه اللحظة لم تكن سوى أن يقتلني أحدهم.
لفت نظري في حديث أم الفتاة التي تباهت فيها بحياتهم في دبي، والمبالغ المكونة من أصفار عديدة التي اشتروا بها كل ركن من هذا البيت، ولكنها ركزت بشكل أساسي على التلفاز الذي يصل ثمنه إلى خمسين ألفًا، اذكر في طفولتي أن جدتي اشترت لنا تلفازًا بخمسائة جنية فقط لأتمكن من مشاهدة برامج الأطفال، وكان اجمل هدية جاءتني وقتها.
ملامحي قالت لأمي كل شيء لكنها كانت تتوسل بنظراتها أن أجعل اليوم يمر بسلام، وهذا ما حاولت فعله على الأقل الكعكة التي قدموها كانت لذيذة، وفجأة حدث أجمل شيء في اليوم كله.
لا لم تمت المرأة، شق حديثنا صوت ابن أختي الذي جاء معنا لشدة تعلقه بي وهو يقول “هشوط ضربة جزاء”، ليوجه الكرة البلاستيكية بمهارة وإتقان في التلفاز الذي يساوي خمسين ألفًا ليسقط الأخير على الأرض مُحطمًا، وتطلق المرأة صرخة أثلجت صدري.
إذا أخبرتني يومًا أني سأتعرض للطرد من مكان ما، وأكون في قمة سعادتي لوصفتك بالجنون، لكن صدقني الأرض لم تسع أجنحتي بعد أن طردتنا المرأة قاطعة علاقتها بنا تمامًا.
ابتعت للصغير المثلجات اللذيذة وكيسًا كبيرًا مليئًا بالحلوى، مع الكثير من الأحضان والقبلات التي حصل عليها مني، وضحكنا سويًا كالمجانين، والأكثر روعة أن العائلة أقسمت ألا تتدخل في أمر زواجي مُجددًا، أروع عطلة نهاية أسبوع في التاريخ.