ابداعات

سافرتُ ولم أعد

آية عبده أحمد

 غادرتُ أقصد بلادًا بعيدة، أو حتى كوكبًا آخر، كنتُ فقط أريد الذهاب لمكانٍ هادئ؛ كي يتسلل الضوء لداخلي، لا يهم المسافات، وها أنا أشدّ الرحال لرحلة مجهولة المصير، زادي الوحيد كان التجارب القاسية والواقع المُرّ والخيبات التي رافقتني طويلًا.

 

  بحثتُ في الكتب وشبكة الانترنت، وسألتُ كثيرًا عن مكان مناسب للعزلة، اقترح علي البعض جزر نائية قرب المحيطات، ووجدتُ أسماء دول يُرجّح أن بها بعض الهدوء، وسمعتُ عن إمكانية الذهاب في رحلة إلى كوكب المريخ.

 

 ثم أخيرًا استقرّ بي الحال في عمل بإحدى وكالات الفضاء المعروفة، وتم اختياري في الفريق الذي سيذهب لعمل عدة اختبارات في كوكب المريخ، وبدأت الاستعدادات والترتيبات والعمل على ذلك، لقد أخذ منّا الإعداد لهذه المهمة ثلاثة أشهر، قضيناها ما بين التدريبات على التأقلم للعيش هناك، وكيفية التصرف في مواجهة التحديات، وتجهيز كل المعدات اللازمة لإقامة مختبر فيزياء؛ لإجراء الاختبارات.

 

 

 

  انطلقنا بسلامٍ نحو الفضاء، ثم حدث ما لم يكن بالحسبان، قُبيل وصولنا إلى الكوكب الآخر تعرّضت مركبتنا لعطل مفاجئ، قبل أن نحدده وجدنا المركبة تهبط بسرعة عالية نحو أرض المريخ، وكانت الكارثة…

 

 

 

  فقدتُ الفريق بأكمله، لم يبقَ معي سوى إنسان آلي مُزوّد بنظام الذكاء الاصطناعي، لقد مات كل من كان بالمركبة سوانا، ثم بدأنا أنا والإنسان الآلي في تركيب المعدات، وحاولنا استعادة الاتصال مع القاعدة في كوكب الأرض، أخذ منّا كل ذلك ثلاثة أسابيع.

 

 

 

 تم تعييني بعد أسبوع المسؤولة عن المختبر الذي أعددناه هناك، وتم تزويدي بفريق ومزيد من المعدات، وبكامل الأسى وصل الخبر لأُسر زملائي الذين رافقوني.

 

 

 

 

 أخبرني الطبيب الذي جاء مع الفريق الثاني أنني أُصبت بمتلازمة، وكان هذا أغرب موقف يمرّ عليّ، فقد تم تشخيصي بعد الحادث الذي تعرّضتُ له بحالة نادرة، لا أستطيع تحمل كمية كبيرة من الأكسجين.

 

 

 

أصبحتُ أعيش حياة طبيعية في كوكب غاز الأكسجين فيه غير مستقر كما في الأرض، لقد تم منعي من العودة إلا كوكب الأرض، وإلا متلازمة “صدمة الجاذبية” ستعمل على توقف جميع أعضائي؛ مما ينتهي الأمر بالموت خلال دقائق.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!