مقالات

للسعودية دور فاعل في السياسة الدولية لتحقيق الإستقرار في المنطقة

✍️ يوحنا عزمي 

توافق كل من الرئيسين الأمريكي ترامب والروسي بوتين مبدئيا علي إختيار السعودية مكانا للقائهما المرتقب للتباحث حول التوصل إلي تسوية سياسية نهائية لأزمة الحرب الروسية الأوكرانية ، يبرهن بوضوح علي ما أصبح للعاصمة السعودية الرياض من مكانة سياسية دولية بارزة ومتزايدة كاحدي كبريات العواصم الدبلوماسية في العالم ، فهي من العواصم التي تعج بالنشاط الدبلوماسي الدولي بصورة لا تكاد تنقطع ، وهي التي تقوم باستضافة كل هذه القمم السياسية والمؤتمرات الدولية المتلاحقة علي مدار العام.. هذه حقيقة باتت تفرض نفسها علي العالم ولا يمكن إنكارها او التقليل من دلالتها ومغزاها.

فاذا أضفنا إلي هذا التميز الدبلوماسي الدولي الذي تتمتع به السعودية ما تحوزه من قدرات وطاقات إقتصادية ومالية ونفطية واستثمارية وريادة أعمال دولية جبارة ، لادركنا حجم وأهمية ما تمتلكه السعودية من أوراق وأدوات ضغط يمكنها بها التأثير في سياسات ومواقف الدول الأخري.

وفي الحقيقة أنه علي ضخامة وتنوع إمكانات السعودية من أدوات القوة إلا انها تظل مجرد ضلع واحد من أضلاع مربع خليجي ذهبي عملاق ، مربع يرتكز علي قاعدة صلبة من الثروات المالية والنفطية والدبلوماسية باصدائها المدوية المسموعة في معظم دول العالم .. وفي أسواق المال والأعمال الدولية ، وهو المربع الذي يضم إلي جانب السعودية ، الإمارات وقطر والكويت ، ولا نبالغ عندما نقول ان هذا المربع الذهبي الخليجي العملاق يتمتع بديناميكية دبلوماسية عالية ومؤثرة علي كافة الأصعدة العربية والإقليمية والدولية ، ويملك من الأوراق والأدوات ما يجعله واحدا من أهم واقوي مراكز التاثير في السياسة الدولية ، وبما لا يتوفر لدول كثيرة اخري ولكنها أوراق وأدوات غي مفعلة لانها تعمل بشكل منفرد وغير منسق وتستقل كل واحدة من هذه الدول الأربع بالدائرة الضيقة الخاصة بها ، وهي بدلا من ان تتكامل ، فإنها تتنافس وتتقاطع مع بعضها بعضا ، وما يجري بينها في الخفاء اكبر بكثير مما تتظاهر به في العلن ، وهو ما يفقد إمكانات فعاليتها وجدواها كأحد اهم مراكز الثقل في العمل العربي المشترك.

هذا المربع الخليجي العملاق كان يمكن ان يكون قوة عربية هائلة ومؤثرة لكنها قوة غائبة من الصورة .. والأدلة علي ذلك كثيرة .. ففي أزمة الحرب الإسرائيلية علي غزة كان يمكن ان يكون لها دور حاسم في تحريك مسارات هذه الأزمة ولأمكن تجنب الكثير من الدمار الذي تعرضت له غزة بسبب انحياز أمريكا التام إلي جانب إسرائيل رغم ما تحصل عليه من دول هذا المربع الخليجي من أموال وودائع واستثمارات بتريليونات الدولارات.

القوة ، ايا كانت طبيعتها او مكوناتها او مداها وحجمها ، بدون تفعيل او تحريك لها لاظهارها علي حقيقتها والتلويح بها كسلاح للضغط عند الضرورة تفقد تأثيرها ولا تدخل في حسابات الآخرين لها وتظل كما مهملا بلا اي دور محسوس او حضور مؤثر له.

وها هي إسرائيل كمثال ، فهي لا تحوز ذرة من إمكانات هذا المربع الخليجي المالي والنفطي العملاق ، لكنها تحرك العالم كله بوسائلها التي تجيد استخدامها علي قلتها ومحدوديتها ليقف معها سواء عن خوف منها او عن اقتناع بها او بمزيج منهما معا ، حتي وان كان الحق كله مع الطرف الآخر كما رأينا في حربها الأخيرة علي غزة والتي كانت تكفي لأن يقاطعها العالم كله وينبذها ويقطع علاقاته معها لكنها وجدت من يدعمها ويدافع عنها ويلتمس العذر لها في ما ارتكبته ضد الفلسطينيين من فظائع وانتهاكات يندي لها اي جبين متحضر في اي مكان.

اريد ان اقول ان القوة لا تنقصنا ، فهي متاحة لنا بوفرة هائلة يحسدنا العالم كله عليها وما قاله ترامب عن السعودية وحدها يكفي ، لكن ما ينقصنا هو وحدة الارادات وصفاء النوايا والصدق في القول والفعل بدلا من الكذب والنفاق والرياء والخداع الذي يطبع علاقاتنا ببعضنا ، وفي الإيمان المشترك بأن قوة هذه الأمة الحقيقية هي في وحدتها وتضامنها وترابطها وليس في تشرذمها او في تبعيتها وانقيادها للآخرين كما هو حالها الآن.

فهي وان كانت أغني مناطق العالم واوفرها ثراء ، بلا جدال ، إلا انها اقلها حظا في اهتمامه بها وفي دعمه لقضاياها وفي تفهمه لمواقفها او حتي في احساسه بوجودها علي خريطة العالم .. اليس هذا هو الواقع ؟  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!