✍️ يوحنا عزمي
وهي تصريحات مهمة لأنها اولاً من كاتب واسع التأثير ومن اكبر كُتاب السياسة في امريكا ، بالإضافة لكونه رجل الـ CIA المفضل إعلامياً والرجل الذي يحمل رسائل مجتمع الإستخبارات الأمريكي للعالم ، ده غير أنه يهودي وصهيوني كبير.
علشان تفهم التصريحات دي صح ، لازم تاخدها من ثلاث اتجاهات ، إتجاه يخص الداخل الأمريكي ، إتجاه تاني يخص الحرب العالمية مع الصين ، إتجاه ثالث يخص الشرق الأوسط نفسه .
الإتجاه الأول هو صراع ترامب مع الدولة العميقة هناك ، وتوجهاته المجنونة لفصل مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين ، وده ضمن ملف خفض النفقات اللي ماسكه ايلون ماسك في إدارة ترامب ، وبدأت الاجراءات بالفعل عن طريق طلب ماسك من كل موظف عرض ثلاث إنجازات حققها الأسبوع الماضي ، والمستهدف من الخطة دي خفض الموظفين الفيدراليين في كل الأجهزة الحكومية بما فيها الـ CIA والبنتاغون.
طبعاً التوجه ده معناه تهديد كل الموظفين الفيدراليين ، ومعناه خسارة الدولة العميقة لكل مكتسباتها اللي حققتها عبر السنين ، وده متوقع ومش مفاجئ للي قاري الصراع بشكل شامل ، لأن من ضمن أهداف مجلس إدارة العالم هو القضاء على نموذج الدولة بشكل عام ، وتحويله إلى نموذج الشركة او المؤسسة منخفضة التكاليف .. يعني ايه؟!
يعني بدال ما يبقى في جيش يبقى فرد أمن من بتوع المولات كفاية ، بدال ما تبقى في شرطة قوية ، لاء ، غفير او شاويش في كل شارع وخلصنا ، فلسفة العودة لنظم الحكم في العصور الوسطى حرفياً ، ولو تلاحظوا ده اللي بيحصل في سوريا بالحرف.
المهم ، التوجه ده بيستهدف امريكا ذات نفسها ، ونفس اللي بيحصل مع جيوش العالم مطلوب أنه يحصل مع جيش امريكا واستخباراتها بعد ما يخلصوا على دول وجيوش العالم كله ، بس الحجة هنا هتبقى خفض التكاليف ولا مؤاخذة !!
الإتجاه التاني وهو الحرب العالمية والمواجهة الكبرى مع الصين ، وده كلام قولناه هنا قبل كده من اول الحرب والناس مكانتش مقتنعة اوي ، وإزاي التفاوض على القطاع بيشمل طلب الدعم العربي في المواجهة الكبرى مع الصين ، وطبعاً الحرب الاقتصادية بدأت ، والاستثمارات الخليجية مطلوبة جداً في امريكا ، سواء لإعادة إعمار كاليفورنيا او توفير رؤوس أموال تكفي لبناء مشروعات صناعية جديدة توفر السلع الصينية اللي هيبدأ مشوار حظرها من السوق الأمريكي برفع التعريفة الجمركية.
اللي لازم نفهمه من قرار رفع التعريفات الجمركية أنه عقوبة للمستهلك زي ما هو عقوبة على الصين ، وفي شركات كتير ومستهلكين كتير في السوق الأمريكي هيتضرروا من القرار ده ، سلع كتير وخدمات كتير هيزيد سعرها 25 %على الأقل ، وكل ما ترفع التعريفة كل ما السعر هيزيد معاك ، وطبعاً السوق مش هيستحمل الزيادة دي ، ولابد من توفير منتجات محلية بديلة.
وده دور الاستثمارات الخليجية بالتحديد ، تمويل المشروعات اللي هتوفر المنتجات البديلة في امريكا ، يا كده يا هيحصل إنهيار إقتصادي كبير في أمريكا ، وهتحصل أزمات كبيرة تلتحم فيها الأزمات الداخلية مع بعض ، أزمة كاليفورنيا مع الموظفين الفيدراليين مع التضخم مع إرتفاع الأسعار مع إفلاس الشركات وتسريح الموظفين وده كابوس بيحاول ترامب تجنبه بأي شكل.
الإتجاه الثالث وهو الشرق الأوسط الجديد ، وازاي يتم الضغط في الأزمة الحالية في إتجاه تمرير مخطط الشرق الأوسط الجديد ، وهو التحالف الخليجي مع الكيان وقيادتهم للإقليم بالوكالة عن أمريكا ، وده مش هيحصل إلا بعمل عسكري كبير محدش بيديله فرصة علشان يحصل ، وده اللي سر تصريحات ترامب دايماً بأنه سيقف خلف خيارات نتنياهو وهيدعمها ، لاحظوا أنه مش بيقول “هدعم الحرب” ، لاء ، بيقول “هدعم خيار نتنياهو” وهو عارف كويس ان نتنياهو عايز الحرب.
ومن كلام فريدمان نفهم ان الحرب بقت “شبهة” ، عكة كبيرة ومحدش عايز يتلط فيها ، فهو يشيلها لـ نتنياهو ويخليه يحاسب على كل المشاريب في الاخر ، ويا اما حقق هدفه بالنظام الجديد ، يا اما خلص اوبشن الحرب من غير ما يتلط فيه ، ده خيار نتنياهو مش خياري.
نخلص من الكلام ده بالنتائج التالية :
ـ الموقف العربي قوي ومش ضعيف بالمرة ، وكل الضغوط اللي مورست على العرب فشلت ، عسكرياً واقتصادياً وسياسياً ، كل الضغوط انتهت بلا نتيجة وبلا مكاسب من اي نوع.
ـ نفهم حالة “الحيحان” الإعلامي لـ ترامب ، اللي كل خمس دقائق يطلع تصريح شكل ، ونفهم أن المفاوضات حول القطاع هي أعقد وأصعب مفاوضات في تاريخ الشرق الأوسط.
ـ ان الصين وروسيا لو فضلوا ساكتين هيخسروا ، العرب في الصراع الدولي الحالي كارت كسبان للي هيلعب بيه ويكسبه ، يمكن الوزن الإستراتيجي العربي بقى اهم من الوزن الإستراتيجي للإتحاد الأوروبي ، وده بيحصل لأول مرة في التاريخ الحديث.
الموضوع معقد ومش بسيط ، لكن القوة معانا والحق معانا ، دعم الدول الوطنية النهاردة مش مطروح للنقاش اساساً ، إحنا في مرحلة يا نكسب فيها كل حاجة يا نخسر كل حاجة.
