✍️ يوحنا عزمي
إسرائيل ، منذ تأسيسها في عام 1948، وضعت لنفسها إستراتيجية تهدف إلى فرض هيمنتها على المنطقة العربية ، بما في ذلك العديد من المناطق التي تعتبرها ذات أهمية إستراتيجية سواء لأسباب أمنية أو اقتصادية.
يعتبر الصراع الإسرائيلي العربي أحد أطول الصراعات في العالم ، وله آثار كبيرة على الإستقرار الإقليمي والعالمي. وتركز هذه الأطماع على مناطق عدة ، أبرزها فلسطين ، لبنان ، سوريا ، بالإضافة إلى بعض المناطق الأخرى التي قد تشهد تزايدًا في الإهتمام الإسرائيلي في المستقبل.
في هذا المقال ، نستعرض أطماع إسرائيل وتوسعاتها في الشرق الأوسط وتوجهاتها المستقبلية في ضوء التطورات السياسية والعسكرية الراهنة ، إضافة إلى التحديات والسيناريوهات المحتملة التي قد تترتب على عملياتها العسكرية في هذه المناطق.
أولاً : أطماع إسرائيل في فلسطين
تُعتبر فلسطين من أهم بؤر الصراع الإسرائيلي – العربي منذ نشأة الدولة الإسرائيلية. فقد سعت إسرائيل منذ تأسيسها إلى توسيع نطاق سيطرتها على الأراضي الفلسطينية ، رغم القرارات الدولية التي تدعو إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
– التوسع الاستيطاني : منذ عام 1967، بدأت إسرائيل في إقامة مستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية ، رغم الاعتراضات الدولية. وقد ازدادت هذه المستوطنات بشكل كبير في السنوات الأخيرة، خاصة في عهد الحكومة الإسرائيلية الحالية.
– تهويد القدس : أحد الأهداف الرئيسية لإسرائيل هو تهويد مدينة القدس وهو ما يعني تغيير الطابع الديمغرافي والثقافي للمدينة لصالح اليهود.
هذا يشمل بناء مستوطنات يهودية في شرق القدس ، وتغيير الوضع القائم في الأماكن المقدسة مثل المسجد الأقصى وكنيسة القيامة.
– التهديدات الأمنية : إسرائيل تسعى دائمًا إلى تعزيز أمنها من خلال منع الفلسطينيين من إقامة أي نوع من الدولة المستقلة. وقد اعتبرت الأنشطة العسكرية في غزة ، مثل العمليات العسكرية المتكررة ، جزءًا من هذا التوجه.
ثانياً : الأطماع الإسرائيلية في سوريا
تعتبر سوريا أيضا جزءًا مهمًا من الأطماع الإسرائيلية ، وذلك بسبب الحدود المشتركة بين الدولتين وأيضا لأسباب إستراتيجية تتعلق بالأمن والمصالح الإقليمية.
– الجولان المحتلة : هضبة الجولان هي واحدة من أبرز مناطق النزاع بين سوريا وإسرائيل ، فقد احتلت إسرائيل الجولان في 1967 وأعلنت ضمها بشكل غير قانوني في 1981. تبقى الجولان منطقة ذات أهمية كبيرة بالنسبة لإسرائيل بسبب موقعها الإستراتيجي المطل على مناطق واسعة من سوريا ولبنان.
– التدخلات العسكرية في سوريا : منذ بداية الحرب السورية في عام 2011، شنت إسرائيل العديد من العمليات العسكرية في الأراضي السورية ، خاصة ضد القوات الإيرانية وحزب الله اللبناني الذين يعتبرون تهديدًا لأمنها.
إسرائيل تستهدف بشكل رئيسي المنشآت العسكرية الإيرانية التي تُستخدم لتسليح الجماعات المسلحة الموالية لإيران.
– النفوذ الإيراني : تراقب إسرائيل بقلق متزايد النفوذ الإيراني في سوريا حيث تحاول إيران توسيع وجودها العسكري في سوريا عبر دعم النظام السوري. وتعتبر إسرائيل أن أي تواجد إيراني في سوريا يشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها.
ثالثاً : الأطماع الإسرائيلية في لبنان
لبنان يعد منطقة جغرافية تتداخل فيها مصالح إسرائيل بشكل كبير ، سواء من ناحية الأمن أو الجغرافيا السياسية.
– حزب الله : أحد أبرز التهديدات الأمنية التي تراها إسرائيل في لبنان ، حيث يعتبر الحزب أحد أذرع إيران في المنطقة. إسرائيل تراقب باهتمام التطورات العسكرية لحزب الله على الحدود الجنوبية مع لبنان وتعتبره أكبر تهديد لها من خلال القدرة الصاروخية المتزايدة للحزب.
– الحدود البحرية : هناك نزاع أيضا بين إسرائيل ولبنان حول حدود المياه الإقليمية في البحر الأبيض المتوسط ، حيث يوجد اكتشافات ضخمة من الغاز والنفط في المنطقة الحدودية بين البلدين. وتعتبر إسرائيل أن السيطرة على هذه الموارد أمر حيوي لأمنها الإقتصادي.
رابعاً : الأطماع الإسرائيلية في مناطق أخرى
إلى جانب فلسطين ولبنان وسوريا ، تتجه إسرائيل أيضًا إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط حيث تتواجد مصالح إستراتيجية.
– النفوذ في أفريقيا : إسرائيل تسعى لزيادة نفوذها في القارة الأفريقية ، سواء من خلال العلاقات الاقتصادية أو العسكرية. في الآونة الأخيرة طورت إسرائيل علاقات مع دول مثل إثيوبيا وإريتريا ، وبدأت في بناء قواعد عسكرية وتنفيذ مشاريع إقتصادية.
– التعاون مع الدول العربية : في السنوات الأخيرة برزت تحركات دبلوماسية إسرائيلية نحو دول الخليج العربي مثل الإمارات والبحرين ، وهو ما أفضى إلى اتفاقات تطبيع مثل اتفاقيات أبراهام. هذه الخطوات تعكس رغبة إسرائيل في تعزيز نفوذها الإقليمي وتعزيز علاقاتها مع دول الخليج لتحقيق مصالح مشتركة ضد التهديدات الإيرانية.
خامساً : مشاريع إسرائيل المستقبلية وتوجهاتها في المرحلة المقبلة
من المتوقع أن تستمر إسرائيل في تنفيذ سياسات التوسع الإقليمي عبر مشروعات متنوعة :
– الاستيطان في الضفة الغربية : يُتوقع أن يستمر الاستيطان الإسرائيلي.
في الضفة الغربية ، حيث تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى تعزيز وجودها في تلك المناطق بما يتماشى مع أهدافها السياسية في تغيير الواقع الديمغرافي.
– السيطرة على مصادر الطاقة : تعتبر إسرائيل الغاز والنفط في البحر الأبيض المتوسط من المصادر الحيوية لإسرائيل ، ولذلك فإن السيطرة على الحدود البحرية مع لبنان وفلسطين ستظل أولوية ، خصوصًا مع وجود اكتشافات غازية كبيرة في البحر.
– التصعيد العسكري : إسرائيل قد تواصل تنفيذ عمليات عسكرية في سوريا ولبنان لمواجهة تهديدات إيران وحزب الله. بالإضافة إلى تعزيز الدفاعات الجوية مثل القبة الحديدية والتعاون مع القوى الغربية لمواجهة أي تحديات في المستقبل.
سادساً : التحديات والسيناريوهات المحتملة
– التحديات الأمنية : ستظل إسرائيل تواجه تحديات كبيرة من قبل حزب الله وإيران وحماس ، بالإضافة إلى أي تصعيدات عسكرية قد تحدث على حدودها الشمالية أو في غزة.
– التحديات السياسية : من المحتمل أن تواجه إسرائيل مقاومة من المجتمع الدولي بسبب استمرار الاستيطان وتهويد القدس، فضلاً عن انتقادات لحقوق الإنسان تجاه الفلسطينيين.
السيناريوهات المستقبلية :
– سيناريو التصعيد العسكري : يمكن أن يزداد التصعيد العسكري خصوصًا في حالة حدوث أي تقارب بين إسرائيل وحزب الله أو إيران.
– السيناريو السياسي : في حالة حدوث تغييرات في السياسة الأمريكية.
أو في محيطها الإقليمي ، قد تلوح في الأفق تسويات سياسية غير مرغوب فيها من إسرائيل.
الخاتمة : تسعى إسرائيل إلى تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط عبر الاستفادة من الأطماع التوسعية العسكرية والسياسية في عدة مناطق إستراتيجية.
لكن هذا التوسع يأتي في إطار سلسلة من التحديات الأمنية والسياسية التي قد تؤدي إلى مزيد من التوترات الإقليمية والدولية. في المستقبل القريب ، سيكون على إسرائيل أن توازن بين تحقيق أهدافها الأمنية والاقتصادية مع المحافظة على إستقرارها الداخلي وصد أي تحالفات معادية قد تهدد مصالحها الإستراتيجية.