✍️ يوحنا عزمي
النهاردة هنرد مظلومية تاريخية عن مصر .. هل تعرف ان مصر سيطرت على قطاع غزة من سنة 1949 لحد النكسة سنة 1967 .. مصر حكمت القطاع في سنوات الملك فاروق والرئيس جمال عبد الناصر .. 18 سنة ما بين العصر الملكي والعصر الجمهوري .. ما بين المملكة المصرية وجمهورية مصر ثم الجمهورية العربية المتحدة.
الإتهام مكنش ان مصر ضيعت القطاع سنة 1967 ولكن مصر ليه لم تعلن قيام دولة فلسطين في قطاع غزة اولاً .. ليه فوتنا الفرصة دي ، هل عبد الناصر كان عنده طموحات أنه غزة تبقا ولاية مصرية وتفضل محافظة مصرية ؟
هل دي رؤية وقراءة عبد الناصر للقضية الفلسطينية أنه فلسطين جزء من مملكة القومية العربية والوحدة المصرية السورية ويبقا رئيس للجميع ؟
للأسف الكلام دا هو اكبر كذبة بحق عبد الناصر ومصر وانا مش ناصري ولا ابن التجربة الناصرية.
بريطانيا منذ بضع أيام أخرجت وثائق تكشف المفاجئة .. عبد الناصر سعى لإعلان قيام دولة فلسطين بعد العدوان الثلاثي والعدو البريطاني نجح في عرقلة الخطة المصرية.
عبد الناصر كان هيسلم الشعب الفلسطيني حكم غزة بحكومة لها صلاحيات كاملة ومصر كانت هتبقا مجرد الحامي العسكري لدولة فلسطين وفقا لمعاهدة الدفاع العربي المشترك يعني كنا هنبقا في غزة عسكريا وبس مش سياسياً ولكن اهل فلسطين يحكموا غزة وتبقا غزة نواة دولة فلسطين.
الفترة اللي بعد العدوان الثلاثي سنة 1956 كانت واحدة من أكتر الفترات الحساسة في تاريخ الشرق الأوسط الحديث! المنطقة كلها كانت بتشهد تحولات ضخمة ، والعالم كله كان بيراقب اللي بيحصل ، خصوصًا بعد فشل العدوان اللي اشتركت فيه إنجلترا وفرنسا وإسرائيل ضد مصر ، واللي انتهى بانسحاب إسرائيل من غزة.
وهنا بقى ، بدأت إشاعات وتقارير تنتشر عن إن الزعيم جمال عبدالناصر بيفكر في إنه يعمل كيان فلسطيني مستقل في قطاع غزة! بس طبعًا الموضوع ماكانش سهل ، وكان لازم يكون فيه تنسيق سياسي ضخم وده أثار قلق العالم كله ، خصوصًا الدول الغربية والأمم المتحدة.
الوثائق البريطانية اللي اتكشفت مؤخرًا بتكشف تفاصيل مهمة عن المرحلة دي، وبتوضح إزاي مصر كانت بتتحرك سياسيًا وإقليميًا عشان تخلي قطاع غزة جزء من رؤية عربية موحدة. عبد الناصر وقتها كان بيسعى لإنه يعمل نظام حكم ذاتي للفلسطينيين في غزة تحت إشراف مصر، وبدأت التحركات فعلاً ، لحد ما في 26 فبراير 1958 تم الإعلان عن مشروع قانون أساس للقطاع ، اللي بيضم “مجلس تنفيذي” و”مجلس تشريعي”، وبدأ الحديث عن إعلان الحكم الذاتي رسميًا يوم 15 مارس.
الوثائق البريطانية بتقول ان الكلام كان عن حكم ذاتي ولكن ناصر كان يسعي لدولة مستقلة مش مجرد حكم ذاتي ولكنه لم يعلن دا للعامة ولكن في الكواليس كان بيتكلم أنه الحكومة المصرية لازم تستعد لاستقلال فلسطين وإعلان دولة فلسطين مش مجرد حكم ذاتي بس.
لكن الأمم المتحدة ماكانتش مرتاحة خالص للموضوع ده ، والجنرال بيرنز قائد قوات الطوارئ الدولية ، رفض أي تحركات عسكرية فلسطينية جوه القطاع ، بحجة إنها هتسبب اضطراب وعدم استقرار. ومن ناحية تانية ، تقارير دبلوماسية من بلجيكا وأمريكا كانت بتشير إلى إن مصر فعلاً عندها خطة لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة ، وكانت هتعلن عنها في 14 مارس، وكان امين الحسيني مفتي القدس رئيسا لها ، دا شخصية تاريخية رهيبة.
أمين الحسيني هو زعيم القضية الفلسطينية من 1920 لسنة 1967 ..طبعًا ، الموضوع ده كان هيغير خريطة الشرق الأوسط تمامًا بس الخطة واجهت صعوبات كتير ، خصوصًا بعد الإتحاد بين العراق والأردن ، اللي أربك الحسابات السياسية وقتها ، وانتهى الموضوع بإن الخطة ما اتنفذتش.
لحظة .. ايه ؟ اول مرة تسمع عن الوحدة بين العراق والأردن ؟
لا حصلت .. دى بريطانيا كانت بترد على الوحدة بين مصر وسوريا .. فاجبرت ملك الأردن الحسين على الموافقة على الوحدة مع مملكة العراق والمملكتين وقتها كانوا من العيلة الهاشمية .. العيلة المالكة في العراق من نسل فيصل بن الحسين والعيلة الملكية في الأردن من نسل عبد الله الأول بن الحسين يعني ولاد عمومة.
14 فبراير 1958 تم الإعلان عن الإتحاد العربي الهاشمي رداً على قيام الجمهورية العربية المتحدة في 1 فبراير 1958 .. بعد أسبوعين بس عملوا وحدة للرد على الوحدة المصرية السورية.
14 يوليو 1958 .. بعد خمس شهور بس .. قيام ثورة يوليو العراقية بقيادة عبد الكريم قاسم وانهاء الوحدة بين العراق والأردن واسقاط النظام الملكي في العراق وأعلن قيام جمهورية العراق.
وفي مارس 1959، حصلت تطورات جديدة ، وتم تشكيل مجلس تشريعي جديد في غزة، واللي زود التكهنات حوالين نية عبد الناصر في منح القطاع حكم ذاتي! بس السلطات المصرية نفت الكلام ده رسميًا، وقالت إن المجلس مجرد وسيلة لمساعدة الحاكم في إدارة القطاع، ومع ذلك الصحافة العالمية كانت مصرة إن فيه خطة أكبر في الكواليس.
كل التطورات دي خلت الأمم المتحدة والعالم كله يتابع الموقف بحذر، وبدأت الضغوط الدولية تزيد على مصر عشان توقف أي محاولات لتغيير الوضع في غزة ، وفعلاً ، عبد الناصر اضطر يوقف الخطة قدام التهديدات والتدخلات الدولية.
القصة دي بتوضح قد إيه الوضع في غزة كان معقد ، وقد إيه القوى العالمية كانت بتتحكم في مصير المنطقة، وكل ده كان جزء من اللعبة السياسية اللي شكلت الشرق الأوسط اللي إحنا شايفينه النهارده.
يعني عبد الناصر لم يتراخي في إعلان دولة فلسطين ، مخدش قطاع غزة في جيبه ، ولكن بعد أسبوع واحد بس ع الوحدة المصرية السورية بدأ في إجراءات إعلان دولة فلسطين وكانت هتبقا وحدة مصرية سورية فلسطينية وكان هيبقا لفلسطين الحق في دولتهم حتى لو تفككت الوحدة دي بعد كدا.
الكلام دا بنقوله لمصر لا لعبد الناصر .. نحن لا نعبد اشخاص ولا حتى دول ولكن ندافع عن التاريخ الحقيقي وبس.
لماذا تخوف الغرب من نية عبد الناصر في إنشاء دولة فلسطينية في غزة؟
هناك عدة عوامل سياسية وتاريخية تتعلق بالمنطقة
1. جمال عبد الناصر والقومية العربية
جمال عبد الناصر كان من أبرز القادة الذين دعوا إلى القومية العربية ووحدتها ، وكان يعتبر نفسه الحامي لقضايا العرب ، وبخاصة القضية الفلسطينية. عبد الناصر كان يطمح لإنشاء دولة فلسطينية ضمن إطار الوحدة العربية ، ورفض تقسيم الأراضي الفلسطينية.
في تلك الفترة ، كان هناك توجه عربي نحو التضامن مع الفلسطينيين وكان عبد الناصر يرى أن الحل الوحيد للصراع مع إسرائيل هو من خلال دعم الفلسطينيين وبناء دولة فلسطينية تضم جميع الأراضي الفلسطينية.
2. المخاوف الغربية من قوة ناصر
عبد الناصر لم يكن مجرد قائد مصري ، بل كان رمزاً لحركة التحرر العربي. كان يشكل تهديداً للمصالح الغربية بسبب مواقفه المعارضة للاستعمار وخصوصاً التأثير الغربي في الشرق الأوسط.
من خلال دعمه للقضية الفلسطينية ، كان ناصر يخلق نوعاً من النفوذ العربي القوي ، مما كان يشكل تهديداً للمصالح الغربية في المنطقة، حيث كان الغرب يرى أن تقوية الحركة القومية العربية قد يؤدي إلى تعزيز القوة العربية ضد إسرائيل وضد النفوذ الغربي في الشرق الأوسط.
3. مواقف الغرب تجاه الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي
– من الناحية السياسية ، كانت الدول الغربية (خصوصاً الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في فترات معينة) مهتمة بتوازن القوى في المنطقة واعتبرت أن وجود دولة فلسطينية في غزة قد يقوي من موقف العالم العربي ضد إسرائيل.
– كان الغرب يفضل بقاء الوضع في الأراضي الفلسطينية مع التركيز على الحلول التي لا تشمل دولة فلسطينية مستقلة بشكل كامل ، وكان لديهم قلق من أن إنشاء دولة فلسطينية قد يضعف موقع إسرائيل في المنطقة.
4. التقسيمات السياسية بعد حرب 1967
– بعد حرب 1967 ، أصبحت غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل، وبالتالي بدأ التفكير في كيفية إدارة الأراضي الفلسطينية. كانت هناك محاولات دولية لمفاوضات بشأن الوضع الفلسطيني ، ولكن فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة في غزة (أو في أي جزء آخر من فلسطين) كانت دائما قيد النقاش بسبب المصالح المتشابكة بين القوى العالمية.
5. الرؤية الغربية
في الوقت الذي كان الغرب يعترف بالحق الفلسطيني في تقرير المصير كان يفضل حلولاً تضمن الاستقرار في المنطقة مع الحفاظ على مصالح إسرائيل. لذلك ، كانت فكرة إنشاء دولة فلسطينية تحت حكم عربي قوي قد تزعزع استقرار المنطقة ، خصوصاً في أعقاب فترة الرئيس عبد الناصر.
الخلاصة : المخاوف الغربية من نية عبد الناصر تكمن في أنه كان يروج لفكرة أن الفلسطينيين يجب أن يكون لهم دولة مستقلة على كامل أراضيهم، وهو ما كان يشكل تهديداً لمصالح إسرائيل والغرب. كانت هذه السياسة تتعارض مع الرؤية الغربية التي كانت تفضل حلولاً وسطية تمنح إسرائيل ضمانات أمنية مع إبقاء قيد للحقوق الفلسطينية في إطار حلول سياسية معينة.
هذا الخوف نابع من الصراع المستمر بين المصالح الغربية والعربية ، وكان عبد الناصر يشكل نموذجاً قوياً للمقاومة العربية في مواجهة القوى الغربية مما أثار قلقاً في الغرب من انتصار الحركة القومية العربية على حساب المصالح الإسرائيلية والغربية.