سامية مصطفى عبدالفتاح.
التاسعة صباحًا بتوقيت القاهرة..
والتاعسة صباحًا بتوقيتي..
أنا فتاة في بداية العشرينات؛ لكنني كهلت باكرًا، فؤادي كالخرقة الآلية من كثرة الألم، صغيرة يا أنا على كل تلك المشاعر المبعثرة.
صدقني ما العمر سوى نقشٍ الأرقام ونثرٍ للحبر بلا فائدة بينما عمرنا الحقيقي هو ما نعاصره في حياتنا ليصب في مستنقعنا المليء بالترهات التي تنخر ترائبنا.
تقول أمي أني سأصبح عاهرة إن ابتعدت عنها، لا تعرف أن العُهر لا علاقة له بالمسافات، إنما يسكن ثنايا القلب ليفسده.
أمي لا ترى سوى الفسق.. لا ترى سوى أناملها الممسكة بخيط الماريونيت، تحرّكه يُمنهً ويُسرى كيفما تشاء.
سئمت من اِقناعها ببشريتي، فأنا لستُ دُميتها.
ما أبشع أن تعاملك عائلتك كـ”الهامش”؛ لا تبدأ الصفحة من دونك، لكنهم لا يروك، تبتئس من كثرة محاولاتك المستميتة كي يروا إضاءتك بالرغم من توهجك الواضح، كأنك جرم يُعاقب على توهجه المباغت.
أصبحت ضائعة في صفحة حياتي.
أرى أن الخلاص في طريقين لا ثالث لهما؛ الأول أن أتزوج، لكن هيهات! لن يتركا لي حرية الاختيار، فأنا كـالسجين يخضع للأوامر فقط ولا أعلم حقًا مدى صحة اختيارهم لي.
طيل أعوامي الماضية أصابت بعض سهامهم تارة وانحرفت أُخَر لتُدمي فؤادي وتنزف مقلتاي.
والثاني: أن أنفصل عنهم كـانفصال الأوراق في الخريف، وفؤادي عاشق للخريف.
تغمرني أمي بالعاطفة صباحًا، فأنسى قسوة الأمس، يربت أبي على رأسي بحنان، فأتناسى الإساءة ولطخاته التي ما زالت تتردد على مسامعي.
يسمعها عقلي كل ليلة، بل كل دقيقة؛ بل كل ثانية ينبت هسيسٌ من عقلي يردد على مسامعي كل كلمة دامية، وكل فعلٍ أحمق، أنا فعلٌ أهوج من صُنعِ مريضٍ قاسٍ، وامرأة واهنة قررت الاستسلام من أجل فتياتها، وبئس استسلامُها.