ابداعات

القصيدة لا تفيد

إسماعيل السيد 

 

الحنين: طفلٌ يحبو على أرضية الليل،

يسحب الأغطية،

ويُعري فينا البذاءة الطفلة.

 

الحنين:

دغدغة مُزعجة في مؤخرة الظهر،

أين أصابعكِ لتحُكّني؟

 

الحنين: ابتسامةُ مُسنّ

أمام أنثى جامحة،

تخطو بثقلِ النظرات نحو الجانب الآخر من العمر،

حيث أكثر من خمسين عامًا،

وخمسون امرأةً،

يضحكن على فداحة الوقت

في بسطِ بساط التجاعيد.

 

الحنين:

زهرةٌ تفتح عينيها على رصيفٍ بارد،

قطارٌ يغفو عن محطته، ويزفر بغضب،

ساعي بريد

اكتشف بعد عشرين عامًا، وبابٍ، وبرقية حنين،

أنه لم يملك حبيبةً قط.

 

جثة تذهب إلى مكتب العمدة، تطالب بحصتها من الميراث.

 

الحنين:

حادثٌ سير

بلا ناجين،

وبلا موتى،

فقط عيونٌ مندهشةٌ من وطأة النسيان،

ووحشية الكارثة التي ظلّت سجينة تخمين،

أجراسٌ ترنّ في صدرٍ محتشدٍ بالملذّات.

 

أتساءل أحيانًا:

لو كنتُ شجرة، بعد كل هؤلاء الحطّابين،

بربطات أعناقهم الحديدية، وأجسادهم المكتنزة بالجرائم،

لأخضرّت الآن.

 

لو كنتُ مسمارًا بائسًا، شُنق ظلمًا على جدار،

بعد كل هذا التصدّع،

لغفا الجدارُ وانفلت.

 

لو كنتُ بابًا، بعد كل هذه الأيادي التي صفعتني،

لجمعت كرامتي وتهاويت.

 

لكنني:

مجردُ جروٍ وفيٍّ لسجّاني المتقاعد،

مجردُ إطارٍ لصورةٌ غير مهمة،

لكنني أُحيطها ككنزي الوحيد،

مجردُ شحّاذٍ في محطة قطار،

أحفظُ جميعَ الوجوه، ولا أستقبل أحدًا،

مجردُ جندي،

أعرف أنني ينبغي أن أُطلق النار،

وألا أسمح لي بأن أموت،

لأن زوجتي لا تملك حتى تكلفةَ دفني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!