إسراء رزق
هناك، في زوايا القلب التي لم تطأها أقدام الضجيج، يتناجى الزهدُ والأملُ كعاشقين افترقا على وعد اللقاء.
الزهدُ… هو أن تنظر إلى الدنيا بعين العارف، فلا تغرّك زينتها، ولا يدهشك زيفها.
أن تمرّ بالذهب فلا تلتفت، تمرّ بالمدح فلا تنتفخ، تمرّ بالشهرة ولا تترك قلبك على عتبتها.
الزاهدُ لا يُكفِّر النعم، بل يُقبِل عليها بقلبٍ خفيف، وروحٍ لا تتكئ على شيء.
لكن، ما الزهدُ بلا أمل؟
الأملُ… هو أن تُزهِد في الدنيا لا يأسًا، بل توقًا لشيءٍ أبهى.
هو أن تنام على سريرٍ خشن، وتحلم بقصرٍ من نور.
أن تغرس بيدك في أرضٍ قاحلة، وتؤمن أن المطر آتٍ لا محالة.
الأملُ ليس عجزًا متخفّيًا في حُلة الصبر، بل هو وقوفُ القلب على أطرافه، منتظرًا رحمةً تهبط من السماء.
بين الزهد والأمل، يمشي العارفون على حدِّ النور.
لا يسكنون الركام، ولا يُطيلون البكاء على أبواب مغلقة.
قلوبهم تهفو إلى الآخرة، لكنهم لا ينسَون أن في الدنيا متّسعًا لفعل الخير، لنشر الحُب، لبذل العطاء.
الزهدُ يُعلّمهم أن لا شيء يدوم،
لكنّ الجميلَ قادم، فاصبر قليلاً.