✍️ يوحنا عزمي
في أيام قليلة فقط ، تبدل المشهد العالمي من توتر سياسي إلى ما يشبه صافرة إنذار عسكري شامل.
العالم وكأنه يستيقظ فجأة على طبول حرب كبرى ، قد لا تكون مجرد نزاع إقليمي جديد، بل بداية لزلزال جيوسياسي يهدد النظام الدولي برمته.
“انقلاب ترامب” : عودة زمن الحرب لا السلام
في واشنطن ، قلب دونالد ترامب الطاولة على كل القواعد التقليدية التي حكمت السياسة الأميركية بعد الحرب الباردة. لم يكتفِ بإعادة تسمية وزارة الدفاع إلى “وزارة الحرب”، في إشارة مباشرة إلى نواياه التصعيدية ، بل دعا لاجتماع سري غير مسبوق جمع فيه 800 جنرال من النخبة العسكرية الأميركية.
الإجتماع لم يكن بروتوكولياً ، بل أقرب إلى “خطة تعبئة كبرى” تُذكر بمشاهد الحرب العالمية الثانية.
التساؤل الذي يسيطر الآن : هل ترامب بصدد وضع الولايات المتحدة على خط مواجهة شاملة مع روسيا والصين ، أم يجهز لعملية داخلية تثبت قبضته على الدولة الأميركية؟
أوروبا في حالة ذعر : الإنذار العاجل
في بروكسل ، أصدر البنك المركزي الأوروبي توصية غريبة : على المواطنين أن يحتفظوا بـ”الكاش” في بيوتهم، ويخزنوا الطعام والماء. هذه ليست نصيحة مالية عابرة ، بل إنذار مبطن بأن النظام المصرفي قد يتعرض لشلل في أي لحظة إذا اندلعت حرب.
الأخطر أن حكومات أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا بدأت تجهيز المستشفيات والملاجئ تحسباً لملايين النازحين بحلول عام 2026، وكأنها تقرأ من سيناريو معد مسبقاً.
بولندا وليتوانيا : خط النار
على الحدود الشرقية لأوروبا ، أعلنت بولندا وليتوانيا الطوارئ وأغلقتا حدودهما مع بيلاروسيا، الحليف الأوثق لموسكو. القرار يعكس شعور هذه الدول بأن الحرب قد تنفجر فجأة من خاصرتها الشرقية ، لتتحول إلى ساحة أولى لصدام مباشر بين روسيا وحلف الناتو.
اختبار روسي : أسراب المُسيرات في سماء الناتو
بينما تتخبط أوروبا في قراراتها ، أرسلت موسكو رسالة عملية : أسراب من المسيرات الروسية اخترقت أجواء بولندا ودول البلطيق ، لتختبر قدرة الدفاع الجوي للناتو.
الخطوة ليست مجرد استفزاز ، بل أشبه بقرع الباب : “هل أنتم مستعدون؟”.
اللافت أن رد الناتو جاء مرتبكاً وبطيئاً ، مما كشف ثغرات أمنية خطيرة زادت من رعب العواصم الأوروبية.
انهيار قواعد اللعبة القديمة
كل ما بُني منذ سقوط الإتحاد السوفيتي من “ردع متوازن” و”دبلوماسية أمنية” بدأ يتآكل. لم يعد أحد يصدق أن البيانات المشتركة أو العقوبات الاقتصادية قادرة على منع الإنفجار.
الأحداث الأخيرة تطرح سؤالاً مرعباً :
هل نحن أمام العد التنازلي لحرب عالمية ثالثة ، أم مجرد “حرب أعصاب” جديدة تستهدف إعادة رسم خريطة النفوذ؟
السيناريوهات المحتملة لانفجار الحرب العالمية الثالثة
1- شرارة من أوروبا الشرقية
إغلاق بولندا وليتوانيا لحدودهما مع بيلاروسيا يجعل أي احتكاك عسكري صغير شرارة لحرب شاملة. روسيا تراهن على كسر خط الناتو من الشرق ، بينما الغرب متردد في الرد خوفاً من النووي.
2- الانفجار من بحر الصين الجنوبي
بينما يركز الجميع على أوروبا ، تصعد الصين تجاه تايوان. تدخل أميركي محتمل بدعم تايبيه قد يشعل أخطر مواجهة بحرية – جوية في التاريخ. وربما تنسق بكين وموسكو ضربات متزامنة لإضعاف واشنطن.
3- الانقلاب الأميركي يتحول لحرب خارجية
اضطرابات داخلية محتملة في أميركا قد تدفع ترامب لتصدير الأزمة للخارج ، عبر فتح جبهة مع روسيا أو إيران لتوحيد الداخل حوله.
4- الإنهيار الاقتصادي كبوابة الحرب
توصية البنوك الأوروبية بتخزين الكاش تكشف خوفاً من شلل مالي وشيك. أي انهيار اقتصادي قد يولد فوضى اجتماعية تفتح الباب لصعود أنظمة متطرفة تدفع نحو الحرب كحل للسيطرة.
5- من حرب الوكلاء إلى المواجهة المباشرة
الجبهات المشتعلة – من غزة إلى أوكرانيا إلى اليمن – قد تتحول لنقطة انفجار. خطأ استراتيجي مثل ضرب قاعدة أميركية كبرى أو غرق سفينة روسية قد يدفع القوى الكبرى إلى الاشتباك المباشر.
ما بين انقلاب ترامب الداخلي ، والإنذار الأوروبي الصارخ والتحرش الروسي بمظلة الناتو .. يتحول المشهد العالمي إلى مسرح حرب كبرى تتكشف فصولها خطوة بخطوة.
التاريخ يخبرنا أن الحروب العالمية لا تبدأ بقرار واحد ، بل بسلسلة أحداث متفرقة تتسارع حتى يصبح إيقافها مستحيلاً. واليوم ، يبدو أننا نعيش تلك اللحظة بالضبط.