مقالات

إعلان تطهير عرقي في غزة وتحركات أمريكية تفتح أبواب الحرب

✍️ يوحنا عزمي

تشهد المنطقة في الساعات الأخيرة تصعيدًا غير مسبوق يضع الشرق الأوسط بأكمله على حافة مواجهة كبرى.

ففي غزة ، بدا أن الإحتلال الإسرائيلي حسم أمره ، معلناً بوضوح أن كل من يبقى في المدينة سيُعتبر “إرهابيا”، وهو تصريح يعكس نية مبيتة لارتكاب عملية تطهير عرقي ضد نحو مليون فلسطيني لا يزالون عالقين داخل القطاع.

الأوضاع الميدانية تشير إلى أن ما قيل لم يكن مجرد تهديد، بل خطة دخلت طور التنفيذ فعلياً ، إذ تمكن جيش الإحتلال من السيطرة على محور نتساريم الذي يقسم غزة إلى شطرين شمالي وجنوبي ، وأغلق الطريق الساحلي الأخير، تاركا المدنيين محاصرين بالكامل.

الهجمات لم تعد تستهدف المباني فقط ، بل شملت مصادر المياه والغذاء والمستشفيات ، وحتى فرق الإنقاذ ، في محاولة منظمة لخنق الحياة في المدينة ودفع الناس نحو الهجرة القسرية.

المنظمات الدولية الكبرى أُمرت بإخلاء مواقعها فوراً ، فيما أكد مسؤولو الأونروا أن مئات الآلاف باتوا ينامون في الشوارع وأن ما يصل من مساعدات لا يغطي سوى نسبة ضئيلة جدًا من الاحتياجات الأساسية، وسط انتشار المجاعة على نطاق واسع.

وفي مقابل هذه المأساة الإنسانية، تتحرك الولايات المتحدة عسكريًا بطريقة لافتة تثير القلق حول نواياها المقبلة.

تقارير المراقبة الجوية رصدت عشرات طائرات التزود بالوقود من طرازات متقدمة متجهة إلى قاعدة العديد في قطر ، وهي خطوة لا تُتخذ عادة إلا تمهيدًا لحملات جوية واسعة وطويلة الأمد.

إلى جانب ذلك، تتقدم حاملة الطائرات الأمريكية العملاقة جيرالد فورد نحو البحر المتوسط ، فيما انضمت طائرات استطلاع بريطانية متخصصة لجمع المعلومات إلى نفس القاعدة. وما زاد من خطورة المشهد أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وقع أمرًا تنفيذيًا يعلن أن أي اعتداء على قطر هو تهديد مباشر للأمن القومي الأمريكي ، في خطوة تُقرأ على أنها تمهيد لشرعنة أي تدخل عسكري أمريكي إذا ما ردت إيران على الضربات التي تستعد لها إسرائيل ضد طهران.

وفي الوقت نفسه ، يتقدم أسطول الصمود ، المكون من عشرات السفن الدولية ، نحو شواطئ غزة متحديًا الحصار.

الإحتلال أعلن أنه لن يسمح بوصول الأسطول “مهما كان الثمن”، وبدأ بالفعل في محاصرته. تصريحات قادة بعض السفن تحدثت عن رصد ألغام بحرية على مسافة قريبة جداً فيما عمدت البحرية الإسرائيلية إلى إستخدام تقنيات تشويش متطورة لقطع إتصالات الأسطول مع العالم الخارجي.

تقارير عاجلة تحدثت عن صعود جنود الإحتلال على متن بعض السفن واعتقال من عليها ، في مشهد يعيد للأذهان حادثة “مافي مرمرة” لكن هذه المرة في سياق أكثر خطورة.

إذا وضعنا هذه التطورات في صورة واحدة ، سنجد أن المشهد يتجاوز مجرد تصعيد موضعي في غزة. إسرائيل تنفذ خطوات سريعة نحو تهجير قسري شامل ، أمريكا تتحرك عسكريًا استعدادًا لمواجهة طويلة الأمد ، إيران في وضع ترقب لا يخلو من مؤشرات على دخولها المشهد قريباً ، بينما أسطول الصمود يضع الإحتلال أمام امتحان جديد مع المجتمع الدولي.

كل ذلك يشي بأن المنطقة ليست على أعتاب أزمة عابرة،  بل أمام مقدمات لصراع إقليمي واسع قد ينفجر في أي لحظة ، ليترك المدني الفلسطيني في قلب المأساة بينما يكتفي العالم بمراقبة مشهد يبدو أنه يُرسم بعناية لجر الجميع نحو مواجهة مفتوحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!