✍️ يوحنا عزمي
فيما يخص الأزمة الإقتصادية القائمة فإن ثمة خطورة ..
هذه الخطورة تتمثل في عنصر الزمن .. مرور الوقت يؤدي إلى تعقيد الأزمة .. والتعقيد يضاعف من صعوبة الحل او إلى تأخره .. والتأخر يضع مزيداً من الضغوط على صاحب القرار وعلى المواطن ايضا ..
يمكن تشبيه الوضع الإقتصادي بما يحدث احيانا في عالم الطب حين يتعطل عمل بعض وظائف الجسم ويكون من الآثار الجانبية للدواء الأضرار بعمل وظائف تؤديها اجهزة اخري .. فإذا تم علاج الكلي مثلا تعرض الكبد للضرر وإذا تم علاج الكبد اثر الدواء علي عمل القلب وهكذا .. شىء من هذا يحدث في الأزمات الاقتصادية.
في وضع مصر مثلا تتحدث الأخبار عن ضرورة حدوث تعويم اخر للعملة قبل وصول تمويلات البنك الدولي الجديدة او إتمام بعض الصفقات الهامة في مجال الإستثمار العقاري ..
الأثر الجانبي للتعويم الجديد هو زيادة الأسعار مرة اخري ..
والأثر الجانبي لتأجيل التعويم هو إستمرار أزمة العملة الصعبة والتي تؤدي ايضا إلي إرتفاع أسعار كل ما هو مستورد وكل ما هو مصري يدخل في صناعته مكون مستورد ..
الأمر اشبه بال”معضلة” التي لايوجد اختيار واضح ومباشر لحلها لذلك يري البعض أنه لابد من تغيير حكومي قوي .. لأن الوضع الصحي الحرج يتطلب طبيب متخصص أولا وشديد المهارة .
ثانيا .. الإطار العام للوضع المصري مطمئن لمن يحب مصر بمعني أننا ندرك جميعا ان مصر اكبر من تفشل واعز من ان تسقط ، ولكن التفاصيل بلا شك غير مطمئنة للمواطن الذي يعاني من إرتفاع الأسعار ولا يبدو الخطاب الحكومي قادرا علي طمئننته ..
من ضمن الأمور التي مازالت معلقة تكليف الرئيس بتشكيل حكومة جديدة .. البعض يري ان وجوها حكومية جديدة يعطي املا للناس في المستقبل .. الناس مهتمون بالاقتصاد اكثر من اي شىء اخر الأن .. حديث بعض اساتذة الإقتصاد العادي جداً عن طرق علاج الأزمة يلقي اهتماما كبيرا جداً من المواطنين اكثر من انشطة الوزراء التقليدية ..
المواطن يقول لنفسه ان هذه الأنشطة لم تؤد إلي حل الأزمة .. اظن ان الحكومة الحالية تشبه وضع شركة نوكيا لصناعة الهواتف المحمولة .. كانت نوكيا شركة عملاقة تسيطر علي هذه الصناعة الهامة حتي تم اختراع الهاتف الذكي .. سيطرت الهواتف الذكية علي الأسواق وتعرضت نوكيا للافلاس ..
لخص رئيس الشركة الوضع قائلا “لقد فعلنا كل شىء صحيح ولكننا خسرنا في النهاية” ..لم تجاري شركة نوكيا الزمن وتطور الاحتياجات رغم ان رئيسها رجل مجتهد ومحترم .. كما نعرف جميعا فالرئيس السيسي زعيم وطني .. القائد العسكري لا يتخلي عن رجاله .. إذا اصيب احدهم في المعركة يحمله القائد معه ولا يفكر ان هذا يحد من قدرته علي القتال او المناورة .. ربما ينطبق الوضع علي الوزارة الحالية ..
يري البعض ان الوزارة عليها ان تستشعر الحرج وتبادر للاستقالة حتي إذا تم تعديل وزاري وليس تغيير وزاري نحن في حاجة لمجموعة إقتصادية متكاملة وواضحة ..
مطلوب رئيس للمجموعة الاقتصادية بدرجة نائب رئيس وزراء يعمل تحت إشراف الرئيس مباشرة .. من المهم جدا تنفيذ مخرجات الحوار الوطني في كافة المحاور وفي المحور الإقتصادي تحديداً .
السياسات الحكومية ليست مقدسة وبمعني اخر لا يهم لون القط المهم ان يصطاد الفئران .. إذا كانت الظروف لم تسمح بنجاح سياسات معينة فعلينا ان نغيرها فوراً .. هذا هو فقه الواقع .. اعطاء الفرصة للقطاع الخاص سيساهم في نجاح كل المشروعات العملاقة التي بنتها الدولة والتي تحتاجها مصر فعلا .. لابد من وزير اقتصاد يعطي الناس تقرير حالة
يومي عن الوضع الاقتصادي بلغة سهلة ..
على المستوي الشخصي اقدر د. محمد معيط وزير المالية للغاية لكن التركيز الدائم علي نصف الكوب الملآن يجعل المواطن يشك في مصداقية المتحدث ..المواطن يشعر بارتفاع اسعار السلع كل يوم ووزير المالية يتحدث دائما عن الجانب المشرق في الوضع المصداقية تقتضي ان يتحدث المسئول عن المشاكل كما هي ويشرح للمواطن اسلوب حلها على المدى القصير والمدى الطويل.
حالة التفاؤل الدائم لبعض وزراء الحكومة تستفز المواطن او تجعله يشعر ان هناك من يحاول تضليله .. التغيير الحكومي يعطي الناس الأمل في قرب حل الأزمة .. عدم التغيير يؤدي للاستقرار ويحمل معني اخلاقي مفهوم لكنه اصبح يشكل مخاطرة علي المستوي السياسي في وقت لا نحتاج فيه لأي مخاطرات .