إيمان عتمان
مرحبًا، كيف حالكم اليوم! اتمنىٰ أن تمضوا يومًا جيدًا.
انتهىٰ، لا أملك جمًلا أُخرىٰ، أقف هنا ولا أمتلك شيئًا آخر مُفيد، تنتهي كلماتي لكن الأصوات داخل عقلي لا تنتهي، لا تهدأ، أحيانًا لا أفهمها ولا أستطيع تكوين منها جملة واحدة تحمل معنىٰ.
يمكنكم رؤية أنني بغيضة بعض الشيء، لا أتحدث ولا أختلط بـ مَنْ حولي، ولا أُعير الكثير اهتمامًا رغم رغبتي الشديدة للاقتراب منهم.
أسير في الطرقات لا ترىٰ عيني سوا الطريق، لا ألتفت ولا أنظر حتىٰ لا أهتم، كل هذا ليس للغرورِ ولا لِـ جنون الكبرياء، أنا لا أستطيع الاختلاط أو الإنخراط مع أحد.
لا أستطيع التعبير عن ما أشعر بهِ، لا أبكي أمام أحد، لا أُظهر ألمي، أحرص دائمًا أن يعرف الجميع أنني لا أتألم وأنني قوية، هكذا قال لي أبي بعد أن صفعني بكل قوته علىٰ وجهي قائلًا:
الألم ضَعف، البكاء ضَعف، قِلة الحيلة التي تظهر علىٰ محياكِ لا أريد رؤيتها، أنا لا أُنجب أطفالًا ضِعاف، لن أسمح برؤية العجز داخل عينيكِ، إن أردتِ البكاء غُرفتكِ هناك، اركضي إليها وافعلي ما تُريدي، لكن أمام الجميع لن أرىٰ أيّ نظرة وَجع، أفهمتِ أيها الحمقاء!
لم يكن لي خيارٌ سوىٰ أن أكون غير حمقاء، والتزمت الصمت لأعوامٍ، تمسكت بالكتمان لأعوامٍ أخرىٰ، والآن ماذا حصدت من ذلك!
حصدت شيئًا واحدًا، أنني لا أستطيع.. لا أستطيع النجاح في أيّ علاقةٍ أخوضها، أبكي وَحدي داخل ظلام الليل، أكتم شهقاتي حينما أشعر بألم صفعته _ أشعر بها إلىٰ الآن _ لم أتجرأ يومًا عن التحدث بِصدقٍ عن ما أشعر به.
منذ صفعته وأنا لم أذكر مشاعري الحقيقية إلى الآن وأنا في العقد الثاني من عمري، أبكي بمفردي ولا أذكر ذلك، تآكلت أحشائي ولم أعترض، اهترأت مشاعري وتبعثرت، لم تكفيني أذرعي، مهما حاولت احتضان نفسي، كان هناك دائمًا فراغ يحتاج لذراعٍ آخر.
«أتدركون حجم الألم الذي أحمله!»
ذَكر البعض أمامي قبل ذلك أن الكتمان يُفيد صاحبه، لا وربُ الكعبة.. لقد انتهىٰ قلبي من فَرط تآكله والدور الآن لباقي أعضائي.
مهما بلغت قوتي تأتي نقطة انهياري في أكثر الأوقات حرجًا، مهما حاولت مواساة نفسي أشعر أنني غير كافية، أرتعب من النهاية.. لا أريد النهاية وأنا لم أتعافىٰ، مهما بلغ الطريق صعوبة يجب أن يكون هناك جَبرٌ في نهايته، لذلك لا أريد النهاية وأنا لم أتلقىٰ جرعة حنان واحدة، لا أريد نهايتي يصحبها الألم، أرجوكم.
أريد ذراعًا يَضمني لأشعر أنّ اليَد يُمكنها أن تُربت بحنان، ولا تُستخدم فقط للصفع وبَث الألم.