آية عبده أحمد
أغرق رويدًا رويدًا، وليس هناك حروفٌ تعبّر عمّا بداخلي، أمد يدي نحو الفراغ، فأجدني أغوص دون جدوى من محاولاتي للنجاة.
الحبر الذي يخطّ كلماتي تغيّر تركيبه، ما عاد كما هو، أصبح صوت أنيني واضحًا للغاية، كصرير باب قديم، أما طاقتي فتلاشت تمامًا، أضحيتُ كعجوز في آخر أيام خريفه، لا أعلم ماهية كل هذه الفوضى!
كان كل شيء يمضي بسعادة، رغم أنني كنتُ أشعر بالملل من رتابة التكرار، والآن أصبح كل ذلك رفاهية في هذا الحاضر البائس، أتوق لتلك اللحظات، لكن ما جدوى التحسر والحزن على ما فات؟
لستُ وحدي حتى ذلك الذي رافقته في أيامه الحلوة والمُرّة، رسمت السنين مرارة عثرات خطواته على ملامحه بكل عناية، عهدته بشوشًا، واليوم هو نفسه، وذات الابتسامة لكنها باهتة.
أُعيد شريط الأحداث الأخيرة، فترتجف أوصالي، وتغالبني دموعي بقلة حيلة، عزائي الوحيد هو الحروف، وحدها الكلمات تشفي غليلي، تُهدّئ من روعي، تحتويني كأُمّ وأنا ابنتها الوحيدة.
تعرفني كتاباتي جيدًا حين أكون مهزومة، وعندما أكون سعيدة، تفهمني من خطوط حروفي، ورجفة يدي، وبعثرة كلماتي، والكثير من التفاصيل التي تعيها وحدها فقط.
– أتُحبين الكتابة؟
= أعشقها.
– لماذا؟
= رافقتني منذ أن كنت طفلة ذات خمسة أعوام، إلى هذه اللحظة، تخلّى عني الجميع، إلا هي بقيت ثابتة.