ابداعات

حين أسقطَته عيني .

بقلم : ندى يحيى

 

طالما كنت أسأل نفسي دائما: هل يُصلح المكسور حقًا أم أنها أكذوبة؟ 

ولكن ماذا إن كان ما كُسر هو قلبي؟ 

 

طالما كنت أتمنى أن أجد كل الأُناس بوجه واحد، تحديدًا هذا الوجه الذي أحبه، أن يبقى ظهري مستورًا وأن تبقى أماكنهم في عيني كما هي دون أن يسقطوا منها بلا عودة.

 

لم تكن الكارثة الأكبر في كل خساراتي في مفهوم الخسارة فقط، ولكن كانت الكارثة في هذا السقوط. هل تدرك معنى أن لا ترى الحبيب بعين المُحب؟ 

 أتعرف معنى أن تطمئن لطريق ما لمجرد أنهم يسيرون به؟  

إن لم تكن تدرك معنى الأمان الحقيقي فلن تفهم معنى أن يسقط من عينك كل من آمنتهم، أن تكتشف بين ليلة وضحاها أن الوجوه ليست واحدة، وأن السلام مزيف، وأن الصواب هو فقط غلاف للخطأ، وأن الطرق خاوية، وأن أكواب الماء بينكم كانت معكرة، وأنت فقط من رأيتها بعين تأمن من تُحب وتصدق ما ترى دون خيانة متوقعة، وكأن الأشياء بالمعتقد الآمن خُلقت جميعها بوجه واحد.

 

ولكن إن كان قلبك الصغير لن يتحمل ما سأقوله، فعليك أن تقرأ برفق؛ فالحقيقة ستكسر قلبك نصفين،حين تدرك أن الحياة ستمنحك النفاق على طبق من ذهب، وأن من تحبهم لن يحبوك جميعهم، وأنك ستشعر بالالتياع حين ترى وجوههم النقيضة، حين تستمع لنبرة صوت لن تحبها ولنظرة لم تعتدها، وحين تقرر الحياة أن تعلمك حقاً معنى أن يُسقط الناس أنفسهم من عينك.

 

 لتنعدم الرؤية بعدها لتشعر حينها وكأنك خُنقت من قلبك. ستجتاحك الظُلمة، ربما ستكون الحقيقة أن الغرفة مضيئة، ولكن تلك هي ظلمة قلبك وعينيك حين سُلب منهم حب من أحببت مسبقًا.

 

ستحاول التعافي من تلك الظُلمة مرارًا وتكرارًا، ولكن جدران الأمان لا تُرمم إن كُسرت في أكثر اللحظات الآمنة، أُدرك جيدًا معنى أن تهتز بك أراضيك، وأن تحارب جيشك بدلًا من أن تُحارب معهم أو يحاربوا معك. ستشعر حينها أنك هش منطفئ، وتسير بين كومة ألغام، وكلما قررت تخطي واحدة انفجرت بك الأخرى. ربما لن تقتلك ولكنها ستترك بك ندبة واسعة ستؤلمك كثيرًا إلى أن تفقد الشعور تمامًا بكل الندبات اللاحقة.

 

هكذا ستكون الحياة بعد أن تعتاد سقوط الاحبة من عينك، لتدرك حينها أن الغربة أصبحت تجتاح الجميع حتى أنفاسك أصبحت لا تنتمي لبعضها بين شهيق وزفير وتنهيدة خسارة، وأخرى تنهيدة بكاء، والأخيرة أنفاس الاستسلام الأخير. لتعترف بعدها أن إصلاح المكسور كان أكذوبة الطفولة، فلا تُصلح كسور الكبار، بل تتسع لتصبح ندبة كبيرة نغرق بها وتغرق بنا.

Related Articles

Back to top button
error: Content is protected !!