“الرسالة الأخيرة”
لُجين سامح
عزيزي، في خضم صراعي مع رسائلي الورقية، تناهى صوت حطام الماضي وهو يقف على الباب ويطرق..
جال في خاطري أن أفتح، أن أقف وأصرخ، أن ألعن العالم، وأغلّق الأبواب، وأعود إلى شرفتي لأحتسي كوبًا من الشاي
لكن هل تدري؟ لم أفعل
لم أصرخ، ولم ألعن العالم، فقط أخذت ورقة وقلم وبدأت بمهنة القتل، قتلكَ على الورق..
في الرسائل السابقة التي كتبتها، والتي اجترتها ذاكرتي .. كتبت:”كم مرة نظرت إلى سقف غرفتك وأنت تعدّ الأحلام التي تساقطت على رأسك؟”
والآن أكملت الجملة:” لقد كنت أظن تمامًا أنك في عداد تلك الأحلام التي تساقطت على رأسي، لكنك، كنت مجرد ورقة محترقة، التمست الدفء في قلبي، فجعلته ندبة..
واتسائل كم من الوقت الذي كان ينبغي علي الاصطدام به لأدرك الحقيقة الكبرى؟
أنك لا شيء..
أنك مجرد ورقة عابرة، أضرمها شرار مشاعري الهوجاء
أنك صاحب كلمةٍ في آخر السطر:”لا”
وأتبعتها أنا من خيالي بمئات الجمل، أولها:”لا للحبّ، لا للحريّة، لا للنجاة..”
إنني لا أهجوك يا عزيزي، إنني فقط أضعك في مكانك الصحيح، أشباه الجمل، أنصاف الكلمات، واللحن الخارج عن النصّ من الأغنيّات-إثر مكبرّات الصوت-
أعيدك لمكانك الصحيح، جوار مكبّ الحياة، لأنك عدوٌّ لكلّ ما يمتُّ لها بصلة
لأنك كلبٌ أعور، فقد صاحبه، وجلس على قارعة الطريق، ينبحُ على المارّة ..
ينبحُ على القلوب، على الضحكات، وعلى السلام
وفي الحقيقة، لا يهمني ما الذي تراه فيّ، ومن التي آثرتها من النساء عليّ، لأنني أعلم يقينًا، أنك ستدور.. في حلبةِ الحبّ، وحيدًا.. بذراعٍ مكسور
بعينينٍ متورمتيّن، وبقلبٍ فارغ
أعلم أنّك سترى، بعد فوات الأوان، أشباه الإنسان الذي في المرآة..
وماذا؟ لن يتسنى لك اختيار دفة جديدة، إجراء تجميل مشاعر، أو إشعال فتيلة في ظلام عقلك..
لأنك المرض، وكل ما يمت له بصلة
لأنك.. أنت وفقط-وكفى بها هجاءًا-.