زينب عبد الحفيظ
أنا لا أُطيق الضباب، يُفزعني كما تُفزعني برتقالية الشفق رغم لونها المُبهج.
أكره المنتصف، الأشياء المُبهمة؛ فإما أن يأتي الليل أو يستمر الصباح.
لا أحب التأرجح، كأعراف الجحيم.
أرجوك، تدنَّ مني أو غادر، أنت وأطيافك.
لا تقف وتراقبني عن بُعد، فعيناك أشدُّ خطورة من المامبا السوداء،
سُمٌّ يُنثر في روحي، فكيف أشفى منك؟
عزيزي، يئنُّ قلبي كنوح الطيور الدامية،
فإمّا أن تفرّ أو تستكين، فلا تُفزع من شُحوب جلدي ولا تُزيّف الخوف.
باقية أنا، لا أزول، لكن لا تسكنني في الحضيض وتنتظر من الزهور.
أنا أنثى تُلوّن شفتيها بطلاء الحياة، بينما في داخلها خرابٌ مرير.
أقسم أن لا ألتفت إليك مجددًا،
لكن إن هلّ طيفك، تتشبث بك مقلتاي أينما ذهبت.
لا تُجيد عليّ بسيفك وتُشرعه ثم تتوقف.
إما أن تقطع عروقي، أو أُغرز أنا خنجري في أحشائك.
فإن عجزت عن ذلك، فهل تظن أنني سأبقيك؟
النساء، يا عزيزي، أشدُّ خطورة من نمور الأطلس إن شعرت إحداهنّ بالكمد.
تُطمرك أنت، وبقية أطيافك، في محض البرك المُتسخة.
تجدني أدور بسعادة إثر رمقة من عينيك،
أودُّ الإمساك بيدك، لكنّهما باردتان، تُصيباني بالتجمّد.
وقع أقدامك يجوب الأزقّة، لكنني لا أراك.
بالنكب يزدان وجهي،
أُقطّر من العيون دموع الأسى.
بأسك أشد من ضرب الحديد، أنصهر أنا ويذوب عقلي،
فكيف تذيب عقلًا مسلوبًا؟
سننت لي الخناجر، وكأنني أشد أعدائك.
ما أظنك ببشر، زاد بك الفجور.
كنت أتباهى، وأخطو باغترار بك،
لكن اليوم تلبّست ثوب الخيبة.
نكثت أعقابي بماء عفن، تفوح منه رائحة الخذلان.
يشير الناس بإصبعهم: “انظروا، فقط نكس رأس الفخور، فما عدت أرجو وصلك، ولا أنتظر رجوعك،
خذ ما تبقى من ملامحي، وارحل حيث لا أراك،
فقد انطفئ الوهج، ، أنت غائبٍ لن تعود،
… وأنا لن انجو بتاتًا من حطامك .