آية عبده أحمد
بيني وبين البحر أسرار كثيرة، لقد وثّق خيباتي، دموعي، أحزاني، وحتى لحظاتي السعيدة، تلك التي عجزتُ أن أُدثّر فرحتي حينها، ففضحتني ملامحي، وغمازتيّ.
لطالما كان البحر بمثابة رفيق لي، يعرف جيدًا كيف يجعلني أهدأ؟!
يبدّد أحزاني ويجعلها تختفي، كحلوى غزل البنات عندما تذوب في الفم، لقد شاركته أمنياتي، وانتصاراتي، واحتفيتُ بقربه كثيرًا بإنجازاتي المتواضعة.
به شيء غريب عجزتُ أن أعلم ماهيته، أذكر دائمًا كلما ذهبتُ للبحر، وجدتني بروح طفلة، فأظل ألعب قُرب الشاطئ، وأشهد على رحيل النوارس، وأقع في حب اللون الأزرق الساحر الذي يكسو السماء والبحر معًا في لوحة خلّابة.
ذات مرة بالجامعة، وتحديدًا في إحدى محاضرات الفيزياء، سألتُ الدكتور الذي يدرسّنا:
لماذا يكون لون السماء أزرق في النهار، ويميل للسواد في الليل؟
أخبرني أن السر هو البحر، وذكر بعض الفرضيات الفيزيائية، وأحببتُ البحر أكثر يومها.
كان ولا زال دائمًا هو الحل لكثير من المشكلات، ومنقذي في المواقف الصعبة، ومكاني المفضل لرؤية الرفاق، ومناقشة أفراد الأسرة في الأمور المهمة، أو حتى للمرح، لم يفشل البحر أبدًا في إسعادي رغمًا عن كل الظروف.
أركض دائمًا نحو أمواجه التي تستقبلني بحفاوة، ويظل الجميع يخبرونني أن عليّ الابتعاد عنها، ولكن كيف أُقنع الأمواج أن تفلت يدي؟
وهل هناك شيء يمكن أن يطفئ سحر الانبهار بالبحر؟