مقالات

ترامب يستدعي الجيش لإخلاء المشردين في العاصمة واشنطن 

✍️ يوحنا عزمي

في خطوة مفاجئة أثارت جدلاً واسعًا، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، استدعاء الجيش لإخلاء المشردين من شوارع العاصمة واشنطن ، مبررًا قراره بارتفاع معدلات الجريمة إلى مستويات “تاريخية” في المدينة

لكن البيانات الرسمية لعام 2025 تكشف صورة مغايرة ؛ إذ تشير الإحصاءات إلى وجود 5,138 مشرداً في واشنطن بينهم 798 يعيشون في العراء بلا مأوى ، و3,275 في ملاجئ طوارئ ، و1,065 في مساكن انتقالية.

كما يؤكد تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي أن معدلات الجريمة العنيفة انخفضت بنسبة 26% في الأشهر الأولى من 2025 مقارنة بعام 2024 ، وهو ما يتناقض مع تصريحات ترامب حول “موجة جريمة” تجتاح العاصمة.

حكومة واشنطن ، برئاسة العمدة موريل بوزر ، رفضت القرار ، مؤكدة أن الأزمة الحقيقية تكمن في غياب خطط إسكان مستدامة ، محذرة من أن الإخلاء القسري قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة وإثارة التوتر في الشوارع.

الأزمة ليست محلية فحسب ، فبحسب بيانات 2024 ، بلغ عدد المشردين في الولايات المتحدة نحو 771 ألف شخص، بزيادة 18% عن العام السابق ، ويعيش 36% منهم في العراء. وتتصدر ولايات كاليفورنيا ونيويورك وواشنطن القائمة ، في ظل تفاقم الإيجارات ، نقص المساكن ، وارتفاع تكاليف المعيشة وضعف الدعم الحكومي.

المفارقة اللافتة أن الولايات المتحدة أنفقت العام الماضي نحو 997 مليار دولار على ميزانيتها العسكرية ، أي ما يزيد على ثلث الإنفاق العسكري العالمي ، في حين يرى منتقدون أن جزءًا يسيرًا من هذا المبلغ كان كفيلًا ببناء مساكن وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية وتوفير فرص عمل، ما كان سيغير حياة مئات الآلاف.

من المتوقع أن يشعل القرار مواجهة متعددة المسارات بين البيت الأبيض وحكومة واشنطن :

1. إعلامياً وسياسياً : حرب تصريحات متبادلة ، حيث ستتهم بوزر ترامب بتسييس ملف المشردين قبيل الانتخابات ، بينما سيصفها ترامب بأنها “متساهلة مع الجريمة”.

2. قانونياً : تحركات قضائية من حكومة العاصمة ومنظمات حقوقية لوقف تنفيذ الخطة بدعوى تعارضها مع صلاحيات الإدارة المحلية وانتهاك حقوق المدنيين.

3. ميدانياً : احتمالية اندلاع احتجاجات من النشطاء والمتضررين ، قد تتطور إلى اشتباكات مع الشرطة ، ما قد يضر بصورة الولايات المتحدة عالمياً.

بينما يبرر ترامب قراره بالسعي لتحسين الأمن والنظافة ، يرى معارضوه أنه تجاهل جذور الأزمة ، مفضلًا الإخلاء القسري على معالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع عشرات الآلاف إلى الشارع.

ويبقى السؤال : هل الحل في طرد المشردين أم في استثمار موارد الدولة لحل المشكلة من جذورها؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!