مقالات

فنزويلا تحت الحصار .. أين تقف موسكو وبكين عندما ترفع واشنطن العصا؟

✍️ يوحنا عزمي

خليك معايا خطوة خطوة ، لأن المشهد أكبر بكتير من مجرد رد رسمي من حكومة فنزويلا أو تصريح عابر من ترامب.

لما تسمع مادورو بيقول إن الحصار الأمريكي لسفن النفط «غير عقلاني»، تحس كأن الكلام طالع من عالم موازي، لأن اللي قدامه مش بيتكلم بلغة العقل أصلًا. ترامب مش بيهدد بإجراء تقليدي ولا بعقوبات كلاسيكية ، ده بيقولك صراحة: “إنت داخل على صدمة ما شوفتهاش قبل كده”. ساعتها السؤال الطبيعي اللي بيقفز في دماغ أي حد : طب فين الحلفاء؟ فين روسيا؟ فين الصين؟ ولا الحكاية كلها تصريحات وابتسامات أمام الكاميرات؟

مادورو مش لوحده على الورق. من كام أسبوع بس ، بوتين نفسه كلمه وقاله بوضوح إنه بيدعمه في مواجهة أي ضغوط خارجية. الكلام ده مش مجاملة دبلوماسية ، ده جاء بعد ما روسيا وفنزويلا وقعوا معاهدة شراكة استراتيجية لمدة عشر سنين في خريف 2025، معاهدة هدفها المعلن مواجهة العقوبات الدولية وتوسيع التعاون في الطاقة والتجارة ومشاريع مشتركة طويلة النفس. يعني نظرياً، فنزويلا واقفة في معسكر تقيل ، مع دولة بتعرف تلعب لعبة كسر الحصار ولف العقوبات ، وعندها خبرة طويلة في الصدام مع واشنطن.

ولو بصينا على الصين ، الصورة تبدو أقوى كمان. بكين    هي أكبر مشترٍ للنفط الفنزويلي ، ومش بس كده ، دي كمان الدائن الأكبر لكراكاس، بحوالي ستين مليار دولار ديون.

في 2025، مادورو كان بيشيد بنفسه بالتقدم في التعاون مع الصين في مجالات الاقتصاد ، والعلوم ، وحتى الذكاء الاصطناعي ، والصين من ناحيتها ما بتفوتش فرصة إلا وتدافع دبلوماسيًا عن فنزويلا في المحافل الدولية، معتبرة اللي بيحصل “تدخل خارجي” في شؤون دولة ذات سيادة. الصورة هنا توحي إن فنزويلا محمية سياسياً واقتصادياً بظهر صلب اسمه بكين.

لكن لما ندخل في التفاصيل، نكتشف إن الدعم ده ليه حدود محسوبة بدقة. عسكريًا، فنزويلا ما زالت بتعتمد على روسيا والصين في التسليح والتدريب والدعم التقني، وفي تقارير خرجت في أكتوبر 2025 بتتكلم عن سعي كراكاس لتعزيز التعاون العسكري مع الطرفين تحديدًا بسبب تصاعد الضغوط من إدارة ترامب. ده دعم موجود، لكنه مش إعلان حرب ، ولا تحريك أساطيل، ولا مواجهة مباشرة مع أمريكا في البحر الكاريبي.

دبلوماسيًا، روسيا والصين بيستخدموا نفوذهم، وخصوصًا حق الفيتو في مجلس الأمن، لمنع فرض عقوبات دولية أشد قسوة على حكومة مادورو. يعني بيقفلوا الباب الدولي الكبير ، لكنهم ما بيشيلوش عن فنزويلا العصاية الأمريكية اللي واقفة عند بابها. الفرق كبير بين إنك تمنع قرار أممي، وإنك توقف حصار فعلي على سفن نفط في عرض البحر.

اقتصاديًا، في تنسيق داخل إطار “أوبك+” مع روسيا وغيرها لمحاولة استقرار أسواق الطاقة وتخفيف أثر العقوبات ، لكن ده برضه حل غير مباشر ، بطيء ، وبيشتغل على المدى المتوسط ، مش رد سريع على تهديد أمريكي مباشر بفرض حصار أو صدمة اقتصادية.

الخلاصة إن روسيا والصين موجودين ، لكن وجودهم محسوب بالمسطرة. دعمهم لفنزويلا حقيقي ، لكنه مش شيك على بياض ، ولا استعداد للاشتباك المفتوح مع واشنطن بسبب مادورو. هم بيلعبوا لعبة النفس الطويل، تقليل الخسائر ، ومنع الانهيار الكامل، لكن لحظة المواجهة المباشرة مع أمريكا، فنزويلا بتكتشف إن التحالفات الدولية، مهما كانت قوية على الورق ، دايمًا ليها سقف .. والسقف ده بيظهر أول ما ترامب يقرر يرفع العصاية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!