✍️ يوحنا عزمي
القضية دي اتكلمنا عنها قبل كده من كل الزوايا تقريباً ، واتقال بوضوح إن القاهرة غير متحمسة ، بل رافضة ، لفكرة أي لقاء مباشر بين الرئيس عبد الفتاح السيسي وبنيامين نتنياهو في المرحلة الحالية ، لكن الواضح إن الملف رجع يتفتح من جديد وبقوة ، والسبب المرة دي مش دبلوماسي تقليدي ولا مجرد مجاملات سياسية ، إنما ضغط مباشر مرتبط بقطاع غزة نفسه ، وبمصير الحرب والتهدئة وإعادة الإعمار.
قناة 13 العبرية كشفت إن الباب ما اتقفلش نهائيًا، وإن في محاولة أمريكية – إسرائيلية لإعادة فرض اللقاء كشرط غير معلن للانتقال إلى المرحلة التالية، بمنطق بسيط لكنه شديد الخطورة : عايزين تمشوا في التهدئة وإعادة الإعمار؟ يبقى لازم يحصل اللقاء ، غير كده سيناريو الحرب يفضل حاضر وجاهز للعودة في أي لحظة.
بالتوازي مع التحضيرات الجارية لزيارة بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بيمارس ضغوط مكثفة لعقد لقاء ثلاثي يجمعه مع السيسي ونتنياهو.
الشكل الظاهري للموضوع بيتكلم عن دفع اتفاق غزة خطوة للأمام ، لكن جوهر الفكرة أعمق من كده بكتير ، لأن اللقاء – حسب التسريبات – هيكون منصة لمناقشة الملف الإيراني بشكل مباشر ، وده تحديدًا هو السبب اللي مخلي واشنطن شايفة إن وجود مصر في الصورة ضروري ، سواء لتثبيت مسار سياسي في القطاع أو لإعادة ترتيب التوازنات الإقليمية في المرحلة اللي جاية.
مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى أكد للقناة 13 إن تل أبيب أبدت موافقة مبدئية على الاجتماع ، وده معناه إن الكرة دلوقتي في ملعب القاهرة، وإن الضغط الحقيقي لسه بيبدأ.
في نفس الوقت ، داخل إسرائيل نفسها، في حالة استنفار سياسي وعسكري، لأن يوم الخميس هيشهد اجتماعًا وُصف بالحاسم داخل منزل نتنياهو ، لمناقشة ما يسمى بالمرحلة الثانية من خطة ترامب.
الجيش الإسرائيلي هيعرض على المستوى السياسي خطتين لا ثالث لهما : إما السير في المسار السياسي اللي بترعاه واشنطن ، وإما العودة إلى استئناف القتال وبشكل أوسع وأعنف. السيناريو العسكري مطروح بجدية، ومرهون برفض الحكومة الإسرائيلية منح الثقة لقوة متعددة الجنسيات يُفترض إنها تتولى ملف نزع سلاح حماس ، وهو شرط مركزي في الرؤية الأمريكية لما بعد الحرب.
بمعنى أوضح ، إسرائيل بتحط المجتمع الدولي ، ومصر تحديدًا، قدام معادلة قاسية : إما قبول الترتيبات الجديدة بكل ما تحمله من ألغام سياسية وأمنية ، أو عودة النار للاشتعال من جديد.
ولو المسار السياسي هو اللي كسب الجولة ، فالمرحلة الثانية هتشمل خطوات عملية كبيرة ، على رأسها فتح معبر رفح بشكل كامل ، والسماح بدخول جهات دولية للتعامل مع مخلفات الحرب والبدء في إعادة الإعمار.
وده بييجي متسق مع تصريحات ترامب الأخيرة عن فكرة إنشاء ما سماه “مجلس السلام العالمي”، وهو كيان غامض لحد دلوقتي ، لكنه – حسب وصف ترامب نفسه – هيكون مسؤول عن إدارة القطاع في “اليوم التالي”، وهيضم شخصيات وقادة كبار، وجرى وصفه بأنه مجلس “أسطوري” يعرف أعضاؤه جيدًا ماذا يفعلون.
الإعلان الرسمي عن تفاصيل المجلس، وفقًا لهذه التلميحات، متوقع في مطلع عام 2026، ما يعني إن القطاع داخل على مرحلة إدارة دولية طويلة الأمد ، وليس مجرد ترتيبات مؤقتة.
هنا بقى بيتطرح السؤال الحقيقي ، مش بس عن لقاء بروتوكولي أو صورة سياسية ، لكن عن طبيعة الضغوط وحدودها، وهل القاهرة ممكن تقبل بمنطق ربط مصير غزة وملايين سكانها بلقاء سياسي مع نتنياهو، في توقيت شديد الحساسية داخليًا وإقليميًا؟
وهل تنجح هذه الكماشة الأمريكية – الإسرائيلية في فرض أمر واقع على مصر، أم إن القاهرة لا تزال تملك أوراق تعطيل وكبح أقوى مما يتصور البعض؟
السؤال مفتوح ، والإجابة عنه مش هتكون في بيان رسمي، لكن في شكل القرارات اللي هتطلع خلال الأيام القليلة اللي جاية.




