ابداعاتخواطر

أمرأة بألف رجل

هاجر متولي.

 

رأيتُ امرأة في مُقتبل العمر، فنظرتُ إلى عيونها فوجدتُ بها هُدنة لآثار حرب مازالت تُقام، فتسآلتُ من تلك الأنثى، وما حل بها، حتى تسودها كل تلك القوة، ويشع من ابتسامتها بريق استثناء، وتملؤها القوة والثبات.

 

فتعجبتُ بما قيل عنها من بعض الرجال، رد بعنفوان طفل وقوة رجال: أنها امرأة يهابُها الرجال، رغم ما حل بها من جمال في كل شيء، وكأنها امرأة الكمال، وفجأة تغيرت نبرته الحماسية حيث قال:

 

هذه المرأة ستعيشُ بمفردها طيلة حياتها، حتى ولو كان حولها ألف ألف رجل… لها بريقٌ لا يستطيع أن يتصدى لمَعانِيهِ أحد، ولها من الشأن الداخلي راسخ الثقة مما يبدو في جمال وجميل منطِقَها، ولها من تاريخ القراءة والثقافة والاحتكاك بمختلف التجارب، ما يجعلها لا ينطلي عليها الحوارات المُتَسِمة بالمُفردات مزدوجة المعنى، وكثيرة الالتفاف التي تُغَلِّف الأحاديث المكذوبة والمُلتَوية.

 

لن تجد مَن ترتعد له فرائصها حبًا وتعلقًا، حيث يهابُها الجميع، وكأنه لم يُولد من بطن أمه مَن يفوق صفاتها، ويجذبُ برجولته وعقليته ورجاحة منطقه قلبها قبل عقلها… مُعضِلة هذه الأنثى وأمثالها إنها في كل شيءٍ كبيرة وليست متكبرة. في خِضَمّ المشاكل تقفُ مُمتلكةً تفاصيل الحلول وزمام الأمور، بينما يُشاهدها الجميع في حالةٍ من التعجُب جَرّاء الهدوء المُمتزج بالثقة، والأبعد ما يكون عن الغرور.

 

تُحيط نفسِها بجدارٍ لا تدعو أحدًا إلى داخلهُ، ولا تُغامر يومًا بالخروج منه، قابعةٌ في الزوايا تُحادث ظلها عن تلك الوحشة التي تملأها، حتى باتت كصورة فوتوغرافية يملؤها الألوان الزاهية، ولكنها تفقد الحياة.

 

ربما قد فقدت الرغبة والشغف العاطفي حينما غابت شمس المُحبين الصادقين، وفرضت الذكورة صفاتها على الرجولة، واندَثَرَت خِصال الوفاء والعطاء، واستقر في ذهنها حب ذاتها، وتدليل نفسها بنفسِها لنفسِها.

 

وكأنه كُتِبَ على العظيمات أمثالها أن يسكُنّ عُزلَتِهنّ العاطفية بمحض إرادتهِن، رغبةً في احترام الذات، ورهبةً من واقعٍ مرير.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!