✍️ يوحنا عزمي
من يعتقد أن الغرب كتلة واحدة هو وأهم، ومن يظن أن المؤامرة على مصر والشرق الأوسط تحظى بإجماع غربي فهو مخطئ حتى وإن بدى إتفاق جماعي في بعض المراحل.
بل إن أحد المغريات الأمريكية لأوروبا للحصول على دعم بعض دولها لتفجير دول الشرق الأوسط منذ غزو أفغانستان ثم العراق ثم مسرحية الربيع العربي بضرب ليبيا وسوريا واليمن والسودان ومحاولة تفجير مصر كان أحد أهدافها توريد اللاجئين الأفغان والعرب كأيدي عاملة رخيصة تعالج نقص العمالة في أوروبا ولكن ككل شيء إذا زاد عن حده ينقلب لضده.
مع ازدياد موجات اللاجئين بدأت تظهر ظواهر سلبية من القبول بتلك الفكرة الشيطانية، تغيير ديموغرافي للسكان وانتشار الجريمة ما أدى مع أسباب أخرى لتنامي صوت اليمين القومي في الدول الأوروبية الذي له موقف متشدد من اللاجئين حتى وصل للحكم في دول أوروبية مؤثرة أهمهم إيطاليا والنمسا ( أبرز المشاركين في القمة المصرية الأوروبية ) هنا تحول الصوت المناهض لأزمة اللاجئين إلى تيار سياسي حاكم يريد تجفيف منابع الظاهرة وبالتعاون مع مصر التي أثبتت السنين أنها أكبر من السقوط أو الكسر، تحول هذا التيار إلى معسكر داخل المعسكر الغربي، هذا المعسكر أدرك أن مصر مفتاح الشرق الأوسط وأمنها مرهون بيه أمن أوروبا في ملف الطاقة واللاجئين والاستثمار وملف اللاجئين ملف سياسي في الأساس يستلزم حل الصراعات في السودان وليبيا واليمن وغزة.
من هنا جاء التحالف بين معسكر اليمين القومي الأوروبي ومصر وأن كان يضم هذا المعسكر أيضًا فرنسا الليبرالية لكنها مؤخراً أصبحت على غير وفاق مع أمريكا بسبب سياستها الإقتصادية التي وصفتها بالحرب التجارية على أوروبا.
ترقية العلاقات بين هذا المعسكر المتمرد على الأجندة الأمريكية ومصر ليس بهدف توطين اللاجئين في مصر كما يحاول أن يروج الإخوان، ولكن من أجل تجفيف جذور الأزمة من خلال مفتاح الشرق الأوسط، مصر ذات اليد الطولى في ليبيا والسودان وغزة واليمن.
وبالتالي هذا الدعم الأوروبي هو إستجابة للرؤية المصرية وليس العكس.. هو تحالف من أجل مواجهة معسكر المؤامرة على الإقليم وليس العكس، هو تعاون من أجل دعم الجهود المصرية وليس العكس، هو شراكة لتجفيف منابع الصراعات لإعادة اللاجئين اللي في مصر لبلدانهم وليس العكس، هو اعتراف من هذه المعسكر بأن مصر هي سيدة الشرق الأوسط وزعيمته وليس العكس.
ليس فقط في ملف اللاجئين ولكن الأهم في ملف الطاقة وتعويض أوروبا عن الغاز الروسي بالغاز المصري والكهرباء المصرية والطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر، وأيضًا ملف الاستثمارات الأوروبية في إقتصاد واعد ودولة ناشئة مستقرة قوية..
فأمن مصر كما قال رئيس الوزراء اليوناني أصبح مرهون بأمن أوروبا والأقليم ولا يقصد فقط الأمن من اللاجئين ولكن أمن الطاقة وأمن الاقتصاد والاستثمارات وضمان الاستقرار الناتج عن حصار الصراع في ليبيا واليمن والسودان وفلسطين..
أمن التجارة والملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس..
أما اختزال هذه الشراكة التاريخية في قضية اللاجئين فهو أما ساذج أو مغيب ومسلم نفسه لإعلام الإخوان والمؤامرة ومن يختزل قضية اللاجئين نفسها في توطين المزيد من اللاجئين في مصر وليس دعم مصر في تجفيف منابع الصراعات في ليبيا والسودان واليمن وفلسطين فهو يحتاج لإعادة النظر في فهمه وحديثه في الشأن العالم.