✍️ يوحنا عزمي
أدرك العدو عقب اجتماع القاهرة الأخير حول معبر رفح ، والذى ضم ممثلين عن مصر وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ان مصر ترفض اى موائمات حول معبر رفح او قطاع غزة ، صمود الموقف المصري في هذا الاجتماع كان حاسماً للعدو لفهم ان بنك أهداف مسرحية طوفان الأقصى فيما يخص مصر او الجبهة الجنوبية كما يطلق عليها العدو قد فشل كاملاً.
فلا تهجير او توطين او وطن بديل .. لم يعد ممكناً تنفيذ إستراتيجية سيناء هي فلسطين او سيناء هي غزة.
فشلت لعبة فصل سيناء عن مصر وغلق قناة السويس بجحافل المهجرين الغزاويين.
فشلت لعبة عسكرة البحر الأحمر وتدويل مضيق باب المندب واحتلال خليج عدن.
سقطت كافة البدائل البرمائية عن قناة السويس .. سواء طريق الرجاء الصالح او اتفاقية دبي حيفا ، وصولاً إلى المحاولة الهزلية الأمريكية لبناء رصيف بحري لقطاع غزة للاستيلاء على غاز غزة وميناء غزة.
فشلت أفكار حفر قناة بن جوريون عبر قطاع غزة .. فشلت أفكار إرسال قوات أمريكية او بريطانية او من حلف الناتو إلى قطاع غزة .. فشلت أفكار تنصيب إدارة اجنبية او حتى عربية او مسلمة لقطاع غزة.
اسقطت مصر كافة أهداف المؤامرة في حرب حداثية إستراتيجية نصر بلا حرب .. كانت حرب الشاشات والإعلام والسوشيال ميديا .. حرب المؤثرين .. حرب الأعصاب والمعنويات .
فشل العدو في توظيف طوفان الأقصى في صناعة اضطرابات داخل مصر او زعزعة استقرار الدولة المصرية ، فشل الولد اللى اسمه احمد الطنطاوي في صناعة موجة من الفوضى الخلاقة وتحويل الاستحقاق الانتخابي إلى حركة احتجاجية شعبية على وقع بدء طوفان الأقصى ، واليوم هو في مكانه الصحيح خلف القضبان باعتباره مزور حاول تزوير إرادة الشعب المصري قبل ان يكون قد حاول تزوير توكيلاته الرخيصة.
في كتاب “حلف المصالح المشتركة.. التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة”، نشر الباحث تريتا بارسي نصوص كاملة لمحاضر لقاءات جرت بين مسؤولين من أمريكا وآخرين من إيران في جنيف.
هذه الإتصالات لم تكن عفوية او وقتية ، بل هي قناة جنيف الدائمة بين طهران وواشنطن مهما كانت الخلافات السياسية ومهما كان الحاكم في البيت الأبيض ، قناة جنيف بدأت منذ اللحظة الأولي لاستيلاء الإسلاميين على السلطة في طهران عام 1979، هي قناة التنسيق بين أمريكا وإسرائيل وإيران عبر هذه القناة ، قناة جنيف ، جرى الإتفاق بالفعل في الأيام الماضية مطلع يونيو 2024 ، على بدء محاولة حقيقية وأخيرة من اجل إشعال لبنان ، من اجل تكرار حرب صيف الــ 2006 ، هذه المرة حرب صيف 2024 بعد ان فشلت إسرائيل في الجبهة الجنوبية (مصر) فأن الأنظار تتجه إلى الجبهة الشمالية (لبنان) ، وحالياً تتفاوض أمريكا مع إيران وإسرائيل على حسابات الربح والخسارة في الجولة المقبلة.
الغرض هو إستمرار الشرق مشتعلاً للابد ، لذا صنع الغرب تلك الكيانات الوظيفية ، إسرائيل والجمهورية الإسلامية الإيرانية وغيرها ، توزيع وتبادل أدوار الغرض منه ان تستمر المنطقة مشتعلة للابد، حتى لا تنهض امبراطوريات الشرق القديم من الرماد وتعيد التوازن بين الشرق والغرب ، وحتى يستمر الغرب في حلب الموارد الطبيعة والبشرية للشرق في صراع سياسي بدأ منذ فجر التاريخ ومن قبل ظهور الأديان السماوية الثلاث.
قامت إسرائيل بمحاولة غزو لبنان للمرة الأولي عام 1978ولكن الزعيم المصري أنور السادات (1918 – 1981) هدد بالانسحاب من مفاوضات كامب ديفيد لذا سارعت إسرائيل بالانسحاب من لبنان ، ولم تجرؤ إسرائيل على دخول لبنان مجدداً إلا عقب اغتيال السادات في 6 أكتوبر 1981، فبدأ الاجتياح الإسرائيلي الثاني لـ لبنان عام 1982 واستمر حتى عام 2000 حينما اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية قراراً بتسليم جنوب لبنان إلى إيران فنفذ الجنرال ايهود باراك رئيس وزراء إسرائيل التوصيات الأمريكية وقتذاك وأعلن لبنان انتصار المقاومة.
لم يكن هذا الإنسحاب سوى بداية لبدء تسخين الثالوث سوريا ولبنان وإسرائيل عسكرياً بعد سنوات من الهدوء ، البداية يوم اغتالت إيران الرئيس رفيق الحريري بضوء اخضر امريكي ثم بدأت كرة الثلج في الدوران بكل شارع وزقاق في لبنان وصولاً إلى حرب 2006 التي كانت الحرب الثالثة بين إسرائيل ولبنان.
في سنوات الربيع العربي ، كان هنالك إتفاق عبر قناة جنيف بالتهدئة في لبنان ، والتركيز على تقسيم الكعكة السورية حتى آخر ذرة رمال في التراب الوطني السوري ، وحينما انتهت روسيا وامريكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وتركيا وإيران وإسرائيل في رسم حدود النفوذ داخل الكعكة السورية ، بدأت لعبة التسخين على جبهة لبنان مجدداً.
هل يشهد صيف 2024 الجزء الثاني من لعبة حرب تموز 2006 ام ان الدبلوماسية العربية بين قوسين المصرية سوف تنزع فتيل اجتياح إسرائيل للبنان؟