مقالات

المرحلة القادمة من العلاقات الأمريكية الإيرانية قد تكون الأصعب من نوعها

✍️ يوحنا عزمي

ما يحدث حاليا في الشرق الأوسط وبهذه الوتيرة المتسارعة والمذهلة ، سوف يكون له تداعياته الإستراتيجية بعيدة المدي وسوف يكون الشرق الأوسط هو ساحتها الدولية الرئيسية فهو يقتلع مرة واحدة وفي نفس الوقت روسيا وإيران من اكثر قواعدهما أهمية في هذه المنطقة الإستراتيجية من العالم.

بالنسبة لروسيا والنكسة الخطيرة التي منيت بها بانهيار نظام الحكم السوري ، حليفها الإستراتيجي التقليدي الأهم من بين كل حلفائها الإقليميين الآخرين ، وهو الذي منحها القواعد العسكرية الجوية والبحرية ، وكل هذه الإمتيازات الإقتصادية والتسهيلات اللوجيستية ، هذه النكسة لا تقل بحال عن النكسة التي مني بها الإتحاد السوفيتي القديم مع قرار الرئيس السادات في عام ١٩٧٢ بإخراج الخبراء العسكريين السوفيت من مصر ، وهو القرار الذي كان له وقع الزلزال المدوي في العالم وقتها.

والآن تعيش روسيا مناخا شعبيا سوريا معاديا بشدة لها بسبب احتضانها نظام الأسد ودفاعها عنه في وجه كراهية السوريين له والحقيقة أنه من الصعب ، بل وقد يكون من السابق لاوانه التكهن بما سوف يكون رد روسيا عليه ، وهل ستقاومه وترفضه ام انها سوف تستسلم وتذعن له ..

وفي تقديري انها لو عمدت إلي إستخدام القوة لإحباط قرار اخراجها من سوريا ، فإن ذلك سوف يقابل بردود فعل أمريكية عنيفة للغاية ، وقد يجعل أمريكا لا تتعجل انهاء الحرب الأوكرانية وانما قد تحاول إطالة أمدها لتظل روسيا غارقة في المستنقع الأوكراني لا تعرف كيف تخرج منه ..

وقد تتضاعف هذه العقوبات الأمريكية ضدها مع قدوم ترامب إلي البيت الأبيض .. إذا لم تخرج روسيا بقواعدها وقواتها من سوريا بسلام .. واعتقد أنها سوف تخرج لأن الموج ضدها ولأن تكاليف بقائها في مناخ معاد لها سوف تكون فادحة ، وهو ما لا تساعدها ظروفها واوضاعها الراهنة علي القبول به.

واما إيران ، فأنها تلقت مع سقوط نظام الأسد لطمة عنيفة تفوق اللطمة الأخري التي تعرضت لها في لبنان بتدمير حزب الله واخراجه من الجنوب اللبناني ، وضياع سوريا منها يعني قطع كل ما كان يصل حزب الله من أسلحة وقوات ومستشارين عسكريين إيرانيين عبر الأراضي السورية .

وهو ما يعني ايضا ان كل الجسور التي أقامتها إيران بالتنسيق مع نظام الأسد للتحرك من فوقها هنا وهناك قد انهارت وانتهت ولم يبقي من قوة المليشيات الموالية لها في العراق واليمن ما يمكنها التعويل عليه ، فأيران حاليا في حالة انكشاف تام بعد قطع الذراعين اللبناني والسوري ، وهو ما يؤشر بأن هجوم إسرائيل علي مفاعلاتها النووية اصبح وشيكا ويمكن ان يداهمها في اي لحظة وسوف تكون خسائره رهيبة بالتاكيد ، ومما يرفع من احتمالات هذه المواجهة الإسرائيلية الإيرانية الوشيكة هو إعلان القيادة السياسية الإيرانية انها بصدد رفع معدلات تخصيب اليورانيوم إلي المستوي الذي سوف يمكنها معه إنتاج سلاح نووي في غضون فترة وجيزة قد لا تتعدي أسابيع وليس شهور .

وهو ما يصيب إسرائيل بالجنون ويجعلها اكثر تصميما من اي وقت علي ضرب إيران بمنتهي العنف لإزالة تهديدها لامنها .. وهنا ايضا لا نعرف ما سوف يكون رد إيران عليه.

إيران وليست روسيا وحدها تجد نفسها هي الأخري في محنة هائلة بسبب ما حدث في سوريا خلال الأيام الأخيرة ، وهي الخاسر الأكبر من كل ما حدث ويحدث وسوف يحدث في مناطق نفوذها الأخري وبلاخص في العراق واليمن كما نتوقع لها بمنطق نظرية الدومينو المعروفة .. فاوراقها تحترق الواحدة تلو الأخري وقواعدها وجسورها في المنطقة العربية تنهار بالجملة وبسرعة قياسية فاقت كل التوقعات ،  ومع وصول ترامب إلي البيت الأبيض شاهرا سيفه في وجه إيران متوعدا إياها بأقسي العقوبات الدولية التي عرفها العالم او كما سبق وقال إنه سوف يلف كل الحبال حول رقبتها لعزلها عن العالم وهو تهديد يعني الكثير ولا يجب الاستخفاف به.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!