ابداعات

“ضجيج العقل”

بقلم: شيماء_حسانين “رحيل”

 

كيف للمقربين أن يكونوا غرباء؟

هذا السؤال يراودني كثيرًا، ولكنني لم أجد له إجابة إلى الآن، فنحن نعيش في عالمٍ تفوح منه المفاجأت، وتندلع البراكين من باطنه، كأن الحياة لم تتوقف عن إيلامنا.

 

كأن العالم من حماقته يُريد لنا أن نحيا بمفردنا، دون أن يكون أحدًا بجوارنا، يالحماقة العالم، ويالسذاجة البشر.

 

في حين أجلس لأفكر قليلًا في بعض الإجابات، التي قد تُريح هذا القلب، وتجعل هذا العقل يتوقف عن الضجيج، أجدني أتطرقُ إلى أسئلة أخرى.

 

كيف للأرواح التي تعانقت قبل الأجساد أن تتغير؟!

 

كيف للحب أن ينتهي؟!

 

وكيف للقلوب التي تلاقت، وتألفت، وامتلئت بالحب أن تكره؟!

 

وكيف للعيون التي سهرت وبكت لأجل الآخر، أن تراه فلا تتعرف إليه؟! 

 

كم هو مؤلم هذا الشعور؟! 

كم هي مؤلمة تلك الغربة؟!

 

كيف يمكن لأحدهم أن يترك الآخر، دون أن يَرفقُ به؟!

 

كيف لهم أن تجمعهم الطُرقات فلا ينظر أي منهم إلى الآخر؟!

 

 

كأن كُلًا منهما لم يعد كما كان، كأنهم فقدوا شيئًا أثناء سَيرهم معًا، كأنهم فقدوا أنفسهم، وحبهم، وشغفهم في هذه الحياة.

 

أتعلمون هناك أشخاص بيننا ليسوا أحياء!

بل هم فقط على قيد الحياة، نراهم بيننا كل يوم، في الطرقات، وفي بيوتنا، وبين أحلامنا.

 

 هؤلاء من آلت بهم الحياة إلى دروبٍ شائكة، بل أيضًا جعلتهم يُعانون طوال الطريق من الأشواك التي ألقتها لهم، دون أن ترحم ضعفهم، وخوفهم.

 

 ولم تكتفي بذلك، بل نزعت أرواحهم ومزقتها، حين فرقتهم عن من يحبون، حين أعادتهم لنقطة البداية من جديد، حين جعلتهم يسيرون بغير هدي، فاقدين كل شيء تمنوا الحصول عليه.

 

 قاسيةٌ تلك الحياة، ومليئةٌ بالمخاطر، وعنيدةٌ تُحب دائمًا أن تنتصر، وقويةٌ لا أحد في مقدرته أن يهزمها، وضاحكةٌ تتلذذ بحزن الآخرين، إنها لعنة، بل هي أسوء من ذلك.

 

لا زلت إلى يومي هذا، لا أفهم ما هو غرضها من أن تعيد الناس مرة آخرى غرباء بعدما كانوا أحباء؟!

وهل ستستمر هكذا؟!

أم سيتعانق المُتحابين في نهاية الطريق؟! 

 

 

أتمنى أن يعودوا كما كانوا أحباء ومقربين، ربما نتفاجأ بذلك يومًا ما، فبين اليوم والغدِ الكثير من الأشياء تتبدل وتتغير.

 

وربما لن يكون هناك تساؤلاتٍ آخرى، وربما الغد سيأتي فقط حاملًا للإجابات، الإجابات التي طال إنتظارها، لذلك علينا أن ننتظر قليلًا بعد.

 

 فربما نرى الحب عائدًا من جديد، منتشرًا في الأجواء كعادته، محلقًا في السماوات، وتتعانق القلوب مرةً أخرى.

 

 من المؤكد أنه سيأتي ذلك الغد، سيأتي ليُعيد لنا إيماننُا في الحب من جديد.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!