مقالات

لقاء نتنياهو وترامب : إشارات خضراء للحرب على إيران

✍️ يوحنا عزمي 

لقاء نتنياهو المرتقب غداً مع الرئيس ترامب في البيت الأبيض سوف يعني الكثير بالنسبة لقرار إسرائيل بالحرب علي إيران لإزالتها كعقبة تقف في طريقها إلي تشكيل ما تصفه بالشرق الأوسط الجديد الذي تتطلع لقيادته والهيمنة عليه.

لم تعد الآن قضية البرنامج النووي الإيراني هي وحدها المشكلة ، وانما أصبحت المشكلة هي في الدور الإيراني كله في الشرق الأوسط ، والذي تراجع وضعف بعد افتقاده معظم اذرعه المهمة وبخاصة في سوريا ولبنان التي كان يعتمد عليها ويتحرك بها في تنفيذ مشروعه الإقليمي الكبير.

وهذا التراجع الواضح في قدرات إيران الدفاعية كنتيجة لغياب هذا العمق الدفاعي الإستراتيجي المهم ، هو ما بات يغري إسرائيل باكمال مهمتها التي بدأتها بعد ان ضاقت ساحة المواجهة مع إيران وتقلصت ووصلت مباشرة إلي حدودها. وهي المواجهة التي يرفع من احتمالها وجود وزير دفاع ورئيس اركان جدبد للجيش الإسرائيلي من غلاة الصقور المتشددين ، فكلاهما من اشد المتحمسين للحرب ضد إيران وهما الآن في موقع اتخاذ القرار .. وسوف يكون لهما دور كبير فيه.

ولا أتصور ان الرئيس ترامب سوف يبدي اعتراضه علي ما انتهت إسرائيل من التخطيط له والذي سوف يعرضه نتنياهو عليه لإقناعه به ولاخذ موافقته عليه ، وهو ما سوف يدعمه الكونجرس فيه باغلبيته الجمهورية التي يسيطر الرئيس ترامب عليه ، والتي تري في قوة إيران خطرا كبيراً علي أمن أمريكا القومي وعلي مصالحها العليا في هذه المنطقة الحيوية المهمة من العالم .. وهو ما عبر عنه بوضوح السناتور الجمهوري البارز جراهام والاس وهو احد الأصدقاء المقربين للرئيس ترامب .. 

عندما قال ان خيار الهجوم علي إيران يجب ان يبقي مطروحا بأستمرار علي الطاولة في واشنطن ، وهو ما يبعث بإشارة ضوء خضراء لإسرائيل بأن تهاجم إيران في التوقيت الذي تختاره او الذي تراه مناسبا لها ، وسوف تجد امريكا تقف إلي جانبها.

قال هذا التصريح من قبل في تل أبيب خلال أحدي زياراته لها ، ويقوله الأن في واشنطن وكأنه يحفز إسرائيل علي الإسراع بالهجوم علي إيران حتي لا تخسر الفرصة التي يتيحها له وجود الرئيس ترامب في البيت الأبيض الآن.

يبقي علي إيران ان تعد نفسها للرد علي هجوم عسكري إسرائيلي كبير او هجوم إسرائيلي أمريكي قد لا يكون واردا لها علي بال.

السلام الذي ذهب نتنياهو إلي واشنطن ليتناقش بشأنه مع الرئيس ترامب ليس هو السلام العادل والدائم الذي قال الرئيس السيسي عنه انه يمكن ان يغير التاريخ في الشرق الأوسط والذي يمكن ان يكون للرئيس الأمريكي ترامب دور كبير فيه ، وانما هو السلام بالمفهوم الاسرائيلي ، سلام تغيير الجغرافيا وليس تغيير التاريخ كما نتصوره بمفهومنا كدعاة سلام حقيقيين سلام القوة القائم علي العدوان المسلح والعنف الوحشي وعلي التوسع والضم والاستيطان وتدمير المدن ومحو معالمها لتفريغها من سكانها وتهجيرهم منها قسرا في اكثر صور التطهير العرقي لا إنسانية .

سلام الأمر الواقع الذي لا يقيم اعتبارا لأي رادع قانوني او اخلاقي او إنساني ويتنكر لقرارات الشرعية الدولية التي تعتبرها الأطراف العربية أساس السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط بينما لا يرونها في تل ابيب اكثر من حبر علي ورق ولا قيمة لها. 

هذا هو السلام الذي ذهب نتنياهو إلي أمريكا ليحصل من رئيسها الذي يحتفظ معه بأفضل العلاقات الشخصية علي الضوء الأخضر الذي سوف يتيح له الاستمرار في حربه المتعددة الجبهات حتي يحقق كل أهدافه منها والتي جاء اليوم ليؤكدها ويدعمها رئيس أركان جيشه الجديد الذي قال في اول تصريحاته ان عام ٢٠٢٥ سيكون عام الحرب علي كل الجبهات اي أنها قد تمتد إلي اليمن والعراق باعتبارهما الذراعين الباقيتين لإيران في المنطقة.

هذا لقاء لا اتوقع منه خيراً علي الإطلاق ولأن المقدمات هي التي تفضي إلي النتائج كما يقال ، والمقدمات كلها هي وكما نري لا تبقي علي نقطة ضوء في نهاية النفق ولا ترسل إشارة واحدة تبعث علي الأمل في ان حقبة وشيكة من السلام والاستقرار في طريقها قريبا إلينا .. 

بل وقد يرجع نتنياهو من واشنطن وهو اكثر زهوا وغرورا وتهورا في إستخدام القوة المفرطة لجيشه من اي وقت مضي وهو ما ارجحه بقوة ، ولا استبعد ان يكون ضرب إيران ايضا علي رأس قائمة أهدافه المقبلة فهذه فرصته جاءته أخيراً بعد رجوع صديقه ترامب من جديد إلي البيت الأبيض وهو من قال عن نفسه أنه افضل صديق لإسرائيل في العالم. 

ولا اعتقد ان نتنياهو سوف يترك هذه الفرصة تضيع منه وهو يحظي بكل هذا الدعم الأمريكي بكافة صوره وأشكاله المادية والمعنوية وان غدا لناظره قريب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!