أحمد مصطفى
كن سعيدا كما تشاء
فكم من لا، عشت في الخفاء
وأمام الناس أنت من السعداء
وفيك ما يقتلك من البلاء
هكذا تكون معيشة العقلاء
سهم الحياة قد ارتمى
بين أحضانك فما
قلت دمي ينزفُ
بل قلت جاء مستغيثًا فما
أقول لا وأطرده من رحمتي
صبّار في الأرض قد نبت
وشوْكه في أقدامك قد ترعرع
قلت: صغيرًا وجرح خفيف
أعود لمنزلي ثم أنزعه
وإلى الآن
ما عدت إلى منزلك
ترحب بكل ما لا تحب
وتطرد عنك ما تحب
تختار البيئة المناسبة
والليلة المناسبة
مع أشخاصٍ غير مناسبة
كأن تجمع الشمس والقمر
في لقاء
أو تعاهدُ النجوم
أنّ ناظري اليوم
سيأتون غدًا في المساء
أو أن تفشل مرّة
وتقول غدًا
أغيّر الكرّة
تلك أحلامٌ مُرّة
فواقعك كتابته
مَرّة مُرّة
إن استطعت
فقل لا ثم لا
بصوت يصل السماء
ولا تجلس وحدك في المساء
فوحوش الليل ليست قاتلة
ولكنها تمص الأرواح
وتزرع الوحدة والجفاء
إن استطعت
فقل لا ثم لا
واجلس ممتعضًا
وابتعد عن القرفصاء
مدد جسدك كما تشاء
فغدًا
ربّما يكون الشلل رفيقك
وربما لا تجد الشمس في السماء
وإن رأيتني في إحدى الشوارع
أو الحارات
فذكّرني
ألّا يغلبني الشيطان
فأكون في الحانات
وتدبّر حالي وملابسي
وارمقني بنظرة لطيفة
فما جلست في شارعٍ
إلّا
لأنني أوجستُ في نفسي خيفة
أن أحدّثني، وأن يطول العناء
فرغم رسائلي إليك
ورغم غربتنا والشقاء
إلّا أنني
أراني في أربعينِ عمري
وما وجدت نفسي
ويا لسذاجة نفسي
ويا لروح عاشت في صحراء
دومًا تقول
العشرون متعة ورفاهية
إلى الثلاثون نبدأ الجديّة
والأربعون نختار الصبية
إلى الخمسون نزور الكعبة
والحجرة النبويّة
كأن رب الأرض والسماء
أدراني بالغيب
وأدراني متى حييت ومتى أموت
ولكنها وربي وربّك
لغفلة بعدها عذاب السّعير
أنا السّكير
لم يظلمني ربك بقطمير
وجرت الحياة كما أحببنا من المقادير
ولكني لا أعلم إن كنتُ من بني يهود
فأراني في صغري
قد بلغتُ من العمر عتيًّا
واشتعل الرأس شيبًا
وحزني إثر عمقه
لا أعلم إن كنتُ عشتُ
غيره شيئًا
ليلة واحدة حتى أنسى
أجلسُ في رأسي
أو في وحدتي
أيًّا يكن المرسى
وأعدّ الأحزان تترى
حتى تلحّ عليّ الفكرة
وتنهمر الدماء منّي
بكثرة!
فأكون عشت في حزن وحسرة
ومتّ ومن حولي يردّدون
يا للحسرة يا للحسرة
هنالك خطأٌ دراميّ
هكذا تكون الصياغة
فأكون عشت في حزن وحسرة
ومتّ
فقط
فلو كنتُ رأيتُ حولي أحدًا
ما كنتُ أخلفتُ
شريعة الواحد الأحد