✍️يوحنا عزمي
لست خبيراً اقتصاديا، ولكني اؤمن بالمثل الذي ينصح بأن نعطي العيش لخبازه، وأنا أثق في البنك المركزي وأظن أن رئيسه خباز شاطر.. البنك يعمل وفق منظومة الدولة بكل تأكيد وأظن أنه أدار أزمة نقص العملة بشكل جيد حتى الآن..
في العالم كله الإقتصاد والسياسة توأمان وفي حالة مصر فإن السياسة هي الأخ الأكبر..
لولا وزن مصر السياسي لما سارع العالم كله لتقديم التمويل الكافي وأول حلقاته صفقة رأس الحكمة الهامة للغاية، بكل الأسي أتذكر مصير دول عربية شقيقة كان اقتصادها ممتازاً ولكن ابتلعها وحش السياسة والمؤامرات الدولية، والمعنى أن الاقتصاد ليس كل شيء رغم أهميته، وزن مصر السياسي وقيادتها وجيشها يلعب دوراً في حل أزمتها الإقتصادية اولاً وفي تحقيق طموحها في النمو ثانياً، ولعل هذا هو تفسير اعتزاز المصريين بقيادتهم السياسية واعتزاز القيادة بنفسها.. الاقتصاد في مصر يسير تحت مظلة السياسة لذلك يمكن فهم قرار التعويم بعد ثمان شهور من إعلان الرئيس السيسي للعالم أنه يرفض التعويم، منذ ثمان شهور لم تكن هناك صفقة رأس الحكمة ولم تكن مليارات الدولارات قد دخلت البنوك كما هو الوضع الآن.. كان التعويم سيقود لارتفاع جنوني في الأسعار لأن الطلب كان كثيراً، والعرض كان قليلاً جداً عكس الوضع الآن الذي هو أقرب للتوازن..
خلال ساعات أو أيام ستدخل مليارات أخري للبنك المركزي كتمويل من البنك الدولي وبالتالي سيزداد العرض أكثر أمام الطلب وبالتالي يقل السعر أو يستقر.. اعتبر أن القرار بمثابة خطوة في سياسة تصحيح المسار التي أعلن عنها رئيس الوزراء..
نريد أن نترك السوق يتفاعل بحرية ويصحح نفسه بنفسه ونريد أن تتراجع السياسة – رغم أهميتها البالغة – لتسير مع الاقتصاد جنباً إلى جنب كما في العالم كله، بغض النظر عن نباح بعض كلاب الإرهاب الإلكترونية فقد تفهم الناس القرار وسط مناخ من الاطمئنان لتوافد تمويلات كبيرة على مصر في الفترة القادمة من الوارد جداً أن تتأثر الفئات الأقل دخلاً لأن الاقتصاد الحر يشبه البحر والذين لا يملكون مهارات السباحة يواجهون أعظم الأخطار لا بديل سوي مزيد من الإجراءات الحمائية للاقل دخلاً، وبعضها موجود بالفعل.
الدولة ترعى تحالفاً ناجحاً للعمل الأهلي يشكل مظلة لكل المحتاجين، والرئيس يهتم بالأمر بنفسه، إجراءات الحماية حل مؤقت، والحل الدائم هو في قدرة الاستثمارات الجديدة علي خلق وظائف وتوفير فوائض توجه للتعليم والصحة، التعليم هو الوحيد القادر على تحويل أبناء الفقراء إلى أغنياء إذا كان لديهم الموهبة ولعل هذه هي قصة نهضة مصر في العصر الحديث من طه حسين إلي جمال عبد الناصر، ومن رفاعة الطهطاوي إلى أحمد زويل.
قرار تحرير سعر الصرف من شأنه عودة تحويلات العاملين بالخارج لمعدلها الطبيعي ( ٣٣مليار ) كل عام، وهذا من شأنه إتاحة مزيد من الدولارات ما ينعكس علي تلبية احتياجات الاستيراد واستقرار الأسعار مرة أخري، في نفس الوقت فإن رفع الفائدة على الجنيه المصري من شأنه امتصاص التضخم وتقليل الطلب على الدولار كسلعة ومخزن قيمة.. كلما علا نباح الإخوان على قرار ما أدركت أن القرار في مصلحة مصر لذلك يسعدني جداً ان يعلو نباحهم ضد هذا القرار لأنه في مصلحة مصر فعلا.
