رحمة خميس
استيقظ كعادتي ساخطًا على ما مضى وما سيأتي لحياتي، أرى السواد يكتسح نظرتي للعالم الخارجي.
ظلم بلا شفقة، انتقام بلا رحمة، سعي بدون شيء، هل تكالبت الاحزان على قلبي واثقلت كاهلي عن مسؤولية يومها؟
استيقظ ليوم جديد كعادتي مع كوب قهوتي المعتاد على مرارته كمرارة حياتي معه، انظر عبر نافذتي لعلّي أرى صباحًا جيدًا كشروق الشمس.
ما هذا؟ صحراء؟!
نافذتي تطل على شجر الزيتون، وأغصانه تكاد تُفجر نافذتي حتى تستطيع الدخول، أين هي؟
ما هذه الصحراء الجرداء التي تشبه قلبي في عهد جفافه؟
هل عبرت بالزمن؟ أم انتقل بيتنا لحي جديد؟ أم هذا حُلم.
لا، ليس حُلمًا، هل هذا رجُلًا منذ العهد القديم؟ ما الذي يرتديه؟
اقترب بحذر للواقف على مقربة من منزلي ومعه جمع من البشر، ويرتدي عمامة بيضاء، لأجد رجُلًا ضخم البنيان، عريض المنكبين، طويل القامة، حسن الوجه كالقمر، بوجنتيه حُمرة، شديد الوسامة، وسبحان من زين وجهه باللحية الحمراء.
ما هذه الهيبة؟ هل هو ذو منصب في هذا العصر؟
قطع تفكيري من وضع يده على كتفي وقال: أذهب إليه.
قلت في حيرة: من هو؟
قال لي الرجل وهو ينظر لهذا الرجل شديد الهيبة: إنه الحاكم العادل، لم يأتي عادل مثله على مر العصور.
لم أشعر إلا وأنا اهرع إليه وهو يمشي مع جمع البشر حوله، اصارع هذا وذاك حتى أصل ليه.
انقطعت انفاسي ولم أصل لسرعته، هل حقًا من يخطر ببالي؟ هل هو الفاروق؟
لأجدني أمام منزله، اقف دون سبب، هل اذهب واتحدث إليه أم انتظر خروجه.
لم ألبث إلا وأجدني اكتب في ورقة، لا استطيع التذكر أين وجدتها لأكتب:
“سيدي الفاروق عمر بن الخطاب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد،
أنا العابر بالزمن، قليل حيلتي أو أنا المستسلم لحزنه من سخط الحياة، وتعرضه للظلم دون سبب واضح، لا أريد حلًا لمعضلتي، لكنني أريد أن أرضى بقضاء الله دون سخط، دون ثقل كاهلي الشديد الذي سيسقطني أرضًا يومًا ما،
قُل لي أيها الفاروق العادل، ما هذا الزمن الذي أتيت منه؟ ماذا عليّ أن أفعل مع من ظلمني وأثقل كاهلي بأعباء الديون، وتسبب بتركي للعمل؟
لقد أتيت من زمن العادل فيه نادر الوجود، الرحيم به ساذج، والحكيم به فليسوف.
لا يوجد عدل بهذا الزمن العابر منه، هل أنا الساخط على قدر الله أم ألقي بعباءة اليأس على من ظلموني ولم استطع الوقوف ثانية على قدماي؟
ما أراه حقيقة الآن هو أنني انقل إليك معاناتي الدائمة، وسخطي من الحياة وحفنة البشر الزائلين.
من عبد الله العابر بين الزمن، أُلقي سلامي عليك وكم وددت لقائك بشدة، ولكن رؤيتك الفاضلة أحيت ما بداخلي من أمل.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.
لاستيقظ على صوت رنين المنبه المزعج، وصوت الرياح القوية العاتية.
لامسك بهاتفي كالمعتاد وأجد رسالة من مجهول:
لقد استجاب الله لك، وتم إسقاط كامل ديونك، لقد رأيت في منامي رجُلًا وسيم الملمح، طويل البنية، أشعر أن الهيبة كانت بأسمه، وقال لي أنا عبد الله عمر بن الخطاب، إقض حاجة من له ظُلم وأشار إلى منزلك.