ابداعات

..أشواك الثأر

✍️بقلم/ انتصار عمار 

 

الحياة أشبه بسفينة، تتلاطم فيها طباع البشر، وغرائزهم، فداخل كل منا خير وشر يتصارعان.

 

 

أبيض وأسود، ولا ثالث لكلا النقيضين، وإما أن ينتصر الخير، وإما أن يفوز عليه الشر ويسحقه، ويتداهسه بقدميه.

 

 

ولكن لا يكون النصر حليفه مطلقًا، فمحال أن ينتصر الشر على الخير للأبد، فدائرة التلاقي أشبه بحلبة المصارعة.

 

 

تسفر عن فائز، وخاسر، والنتيجة لا تتشابه في كل مرة، فحتمًا سيأتي يومٌ، ويكون جسد الشر منهكًا متعبًا، ملقى على الأرض من الإعياء.

 

 

حقًا لا يكون البقاء إلا للأقوى، ولكن أيضًا أحقية البقاء تكون للأصوب، للأفضل، لصاحب الفضيلة، والقيم، فهو مع الله.

 

 

حتى وإن اندثرت معالم وجه الفضيلة من أعماق البشر، إلا أنها حية، تتنفس هواء البعض منهم، وهم القلة.

 

وجميل أن نحافظ على مَعْلَمَ الخير فينا، ونتمسك به، بل ونُطبق على أصابعه الممتدة، ولا ندعها تفر منا.

 

 

ونحيطه بسياج العفو، كي نزينها، ونزيد عليها حُلة وبهاء، فالعفو هو أجمل صفة يجب على المرء أن يتحلى بها، ورغم جمالها هذا النادر، الذي يشبه فص الألماس الذي يتوسط حبات عقد من فضة.

 

 

إلا أنها تُعد من أصعب الصفات سمة، وذلك لأنه لا يتسنى للجميع أن يتحلى بها، فمن ذا الذي يقوى على كتم غيظه، وقادر على مصافحة أياد العفو، في وجه من قلبه نُزع منه الحنو واللين، واحتل قلبه بركان الظلم والقسوة، واستوطنت دار فؤاده والغلظة!

 

 

فنحن بشرٌ، ولسنا بملائكة، لازلنا نحيا وتلك الغصة السوداء داخلنا، لم تُنزع بعد،

 

 

وإنه لمؤسفٌ للغاية أن تحيا وداخلك أشواك الثأر، تمتد لتنال من أضلعك، تبيت وكل شوكةٍ تنخر بجسدك، الذي أكلته نيران الغل، والحقد.

 

 

ورأسك الذي نخره التفكير في كيفية صفع الآخر، ورد ذلك القلم الذي اخترقت أصابعه 

مسام خديك، وعقلك الذي كان مصيدةً لصيد أفكار شيطانك.

 

 

الذي يدفعك بقوة، ويُلق بك بحدة على وجهك، كي تخر راكعًا 

أمام فخه اللعين، الذي حفره لك، 

وتسجد لمعبد هواه، وتقدم قرابين الولاء لمخططاته.

 

 

وتخرج من دائرة النور حيث صفاء النفس، وراحة الضمير، إلى دائرة الظلام الدامس الذي أفقد عينيك الضياء، وأصابها بالعمى.

 

 

وختم على قلبك بخاتم الطغيان، فنصبك على عرش فرعون، وجردك من آدميتك، وألبسك رقعةً من ثياب بالية، رائحة عفن الشر تتطاير منها، لا تستطيع ستر جسدك المنخور.

 

 

أما من يعفو، فهو يتمتع بلين قلب، وحُلو طباع، يبيت وصفو النفس يُلازمه، وراحة البال قنديل ليله.

 

  

فيهنأ بعيشه، ويُحطم أنا شيطانه، ويكسره، ولا يتأتى ذلك العفو إلا بالرضا، والإيمان القوي بالله عزوجل، وتقبل الآخر، والتسليم بأنه بشرٌ مثلي، يُخطيء، ويُصيب.

 

 

كما ينبغي الأخذ بعين الإعتبار أننا نحيا بدنيا، ليست بدار مقر ولا مستقر، وإنما هى متاع زائل، مسرح كبير، وكُلٌ ودوره الذي يؤديه.

 

 

وكما قال الله تعالى في محكم آياته(فمن عفا وأصلح فأجره على الله)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!