ابداعات

حواء

إسماعيل السيد 

 

خلق الله النساء بقلب من طينة خاصة، له أطوار كالقمر؛ يبدأ هلالاً وليداً، على خجل يشق العتمة، شيئاً فشيئاً يبدأ في الاتساع والإكتمال بعد رحلة لم تعرف السهولة، حتى يصير بدراً يغشى ضياه صفحة الظلمة. هذا الطور الأخير هو قلب المرأة حين تصبح جدة.

 

صاحبة اللمسة الأولى، والنظرة الأولى، والحضن الأول؛ أتى أغلبنا للدنيا مصحوبين بيقين: أن هناك حِجرًا سنُلقى إليه براحة وأمان، وقلبًا سيتلقفنا برحمة وانتباه، وأن هناك يدًا رغم خشونة السنين إلا أنها الحرير بعينه حين دِثار.

 

ملكة الهدهدات، مملكة الحواديت، صومعة الأغاني، أرض الروائح والنكهات.

 

لماذا كل ما يتعلق بالجدات مختلف؟

 

كلما طرأ على الذهن طارئ، نصبح أسياد “التلاكيك” للهروب إلى ذكراهن: صوت يشبه صوتها… تهب أغنيات “التعلب فات”، شخبطات القلم على هوامش الكراسات بكلمة وحيدة… “وحشتيني”.

عند الأخطاء، يهل طيف صندوق الاعترافات: أول تنظيم مخابراتي وعينا عليه، جهاز كشف الكذب الأقدم صناعة في التاريخ البشري، بلا أسلاك ولا تيار كهربائي؛ هي نظرة، فقط نظرة، كافية جداً لسقوط كل الأقنعة التي نحيكها ببراءة متقنة… لكن على من؟

لتصبح من بعدها مكمن الأسرار ومستودع الخفايا.

 

لله نساء اخترعن “البدرية”، قُمنَ بعجن الضيّ الأخير للقمر بالشعاع الأول للشمس، على بكارة الندى وزقزقة العصافير. وحين اختمر… تسافر روائح الخبز مختلطة بخيط دخان رفيع، إلينا حيث كنا.

 

تحياتي وامتناني لجدة كانت سبباً في فضفضة مؤجلة منذ زمن.

دعواتي لها… بخير نُزل وحسن مقام.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!