✍️ يوحنا عزمي
لطالما كانت قناة السويس رمزًا للسيادة المصرية وأحد أعمدة الاقتصاد العالمي ، وباتت محط أنظار القوى العظمى عبر التاريخ.
في الآونة الأخيرة ، أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، بشأن قناة السويس تساؤلات واسعة حول نوايا الولايات المتحدة في المنطقة.
تصريحات ترامب التي قارن فيها قناة السويس بقناة بنما ، تثير الكثير من التساؤلات حول الأهداف الأمريكية المحتملة ومخططاتها في التحكم بممرات التجارة الحيوية.
هل كانت قناة السويس هدفًا أمريكيًا منذ البداية ؟
كيف تعاملت مصر مع محاولات الهيمنة الغربية على موانئها ؟
وما هي الأبعاد التاريخية والاقتصادية لهذه التصريحات ، بالإضافة إلى سر تمسك مصر بسيادتها واستقلال قرارها الوطني؟
سنناقش أيضًا ما الذي جعل البدائل الإسرائيلية والهندية تفشل في مواجهة قناة السويس ، ونستعرض كيفية حماية الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية القسطنطينية للسيادة المصرية.
التصريحات الأمريكية : هل هي خطوة نحو الهيمنة ؟
منذ عدة سنوات ، وفي سياق حديثه عن قضايا التجارة الدولية والنفوذ الأمريكي ، أشار ترامب إلى قناة السويس معتبرًا إياها ممراً استراتيجياً بالغ الأهمية.
في مقارنة مثيرة للجدل ، قارن الرئيس الأمريكي بين قناة السويس وقناة بنما التي تعرضت للسيطرة الأمريكية في القرن الماضي ، في إشارة ضمنية إلى إمكانية اتباع نفس السياسات في مصر. هذه التصريحات أشعلت الكثير من النقاشات حول حقيقة نوايا ترامب ومن خلفه الولايات المتحدة في التدخل في شؤون القناة.
هل كانت قناة السويس دائماً هدفاً أمريكياً ؟
بالطبع ، من المعروف أن القوى الغربية لطالما رغبت في التحكم بالممرات البحرية الحيوية ، إذ تعد القناة واحدة من أهم نقاط الربط بين البحرين الأحمر والمتوسط ، مما يجعلها ركيزة أساسية في التجارة العالمية.
لكن هل وصل الأمر إلى درجة التفكير في السيطرة عليها كما حدث مع قناة بنما ؟
تاريخ الهيمنة الغربية على قناة السويس
في الخمسينات من القرن الماضي ، كانت قناة السويس محوراً رئيسيًا للصراع الدولي ، خاصة بعد تأميم الرئيس المصري جمال عبد الناصر لها عام 1956. ورغم محاولات بريطانيا وفرنسا بالتعاون مع إسرائيل للتدخل العسكري بهدف استعادة السيطرة على القناة ، إلا أن السياسة المصرية آنذاك أثبتت قوتها في حماية السيادة الوطنية.
هذه الحقائق التاريخية تشير إلى أن الغرب لم يتوقف عن محاولات التأثير على القناة ، سواء عبر التهديدات العسكرية أو من خلال المؤامرات الاقتصادية.
محاولات الغرب والفشل الذريع للبدائل
وفي إطار السعي للبحث عن بدائل لقناة السويس ، ظهرت محاولات إسرائيلية وهندية لبناء ممرات مائية أخرى ، كان أبرزها مشروع “قناة الملك عبدالله” التي حاولت إسرائيل الترويج لها كبديل.
لكن هذه المحاولات باءت بالفشل التام ، فالبدائل لم تكن في نفس الأهمية أو الكفاءة التي تتمتع بها قناة السويس. عجز البدائل عن تلبية احتياجات التجارة العالمية كشف عن ضعف قدرة القوى الغربية على استبدال القناة أو تقليص أهميتها.
مصر والرد على محاولات الهيمنة
على مر العقود ، قاومت مصر محاولات الهيمنة الاقتصادية والعسكرية على موانئها وقنواتها الحيوية. ومن خلال اتفاقية القسطنطينية لعام 1888، التي نصت على حرية الملاحة في قناة السويس ، تمكنت مصر من الحفاظ على سيادتها على القناة رغم ضغوط القوى الكبرى. هذا الاتفاق ، الذي دعمته الأمم المتحدة فيما بعد ، ظل حجر الزاوية لحماية استقلالية مصر في إدارة القناة.
أهمية تطوير الموانئ المصرية
في مواجهة هذه التهديدات المتكررة ، أدركت مصر أهمية تطوير موانئها ومرافقها البحرية لتقوية سيادتها وحمايتها. قناة السويس الجديدة ، التي تم افتتاحها في 2015، تعتبر جزءًا من خطة مصر لتعزيز القدرة الاستيعابية للقناة وضمان تدفق التجارة العالمية بأمان. تطوير الموانئ والمرافق اللوجستية يعكس عزم مصر على الحفاظ على مكانتها كممر استراتيجي حيوي يربط بين الشرق والغرب.
سر تمسك مصر باستقلالية قرارها الوطني
سر تمسك مصر باستقلالية قرارها الوطني هو ما يجعلها تصمد أمام كل محاولات التدخل الخارجي. فإصرار مصر على عدم الانصياع لأي ضغوط دولية أو إقليمية بشأن القناة يعكس إرادة سياسية قوية لحماية مصالحها الوطنية وتعزيز سيادتها في المنطقة.
إن تصريحات ترامب حول قناة السويس ، رغم الجدل الذي أثارته تضعنا أمام حقيقة أن القناة لم تكن يومًا مجرد ممر مائي بل كانت وما زالت محورًا استراتيجيًا في السياسة العالمية. بينما يظل التحدي في كيفية حماية مصر لسيادتها الوطنية أمام محاولات الهيمنة الخارجية ، تبقى قناة السويس شهادة على قدرة مصر على التصدي لكل المؤامرات التي تحاك ضدها.