✍️ يوحنا عزمي
شهدت العاصمة اليمنية صنعاء ، فجر اليوم ، سلسلة غارات جوية مكثفة نفذتها طائرات حربية إسرائيلية ، في تصعيد عسكري مفاجئ قد يفتح الباب أمام تحولات خطيرة في مسار الصراع الإقليمي.
الهجوم استهدف القصر الرئاسي ومحطات الكهرباء ومخازن الوقود، وأسفر – وفق المعلومات الأولية – عن استشهاد شخصين وإصابة خمسة آخرين ، وسط توقعات بارتفاع حصيلة الضحايا مع استمرار أعمال الإنقاذ وسط أنقاض المباني المدمرة.
المصادر الإسرائيلية أكدت أن ما يقرب من 40 صاروخًا استخدم في هذه العملية ، التي وُصفت بأنها الأوسع من نوعها ضد صنعاء منذ سنوات.
لماذا الآن؟
توقيت الضربة لا يبدو عشوائيًا. فقبل يومين فقط، أطلق الحوثيون صاروخًا باليستيًا جديد الطراز باتجاه العمق الإسرائيلي. الصاروخ ، الذي وصفته تقارير عسكرية بأنه مزود بتقنية تجزئة الرؤوس المتفجرة ، تمكن من اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية والتسبب في انفجارات داخل تل أبيب والقدس ، وأجبر السلطات على إغلاق مطار “بن غوريون” لساعات.
هذا التطور وضع تل أبيب في حالة استنفار غير مسبوقة، ودفعها للرد بقوة على الأراضي اليمنية، بهدف إرسال رسالة ردع واضحة.
في المقابل ، أعلن الحوثيون أن دفاعاتهم الجوية تمكنت من اعتراض بعض الطائرات وإجبارها على الانسحاب ، مؤكدين أن قدراتهم العسكرية “تتطور بشكل متسارع”، وهو ما اعتبره محللون مؤشراً على تحوّل صنعاء من مجرد ساحة مواجهة هامشية إلى تهديد استراتيجي مباشر لإسرائيل.
واشنطن تدخل على الخط
الأحداث لم تقتصر على الغارات. ففي واشنطن ، ظهرت تحركات عسكرية لافتة :
نقل أجزاء من منظومة الدفاع الصاروخي المتطورة THAAD إلى إسرائيل، وسط أنباء – لم تُؤكد رسميًا – عن سحبها من قواعد في الإمارات.
سحب القوات الأميركية من قاعدتي عين الأسد وفكتوريا في العراق ، وإعادة تمركزها في أربيل ومواقع أخرى مجاورة.
هذه التطورات توحي بأن الولايات المتحدة تتهيأ لاحتمال اندلاع مواجهة أكبر قد تتجاوز الردود المحدودة بين صنعاء وتل أبيب.
هل الحرب مع إيران قادمة ؟
في إسرائيل ، تواصل الحكومة تعبئة الاحتياط ، في خطوة اعتُبرت تمهيدًا لغزو غزة. غير أن بعض التحليلات ترى أن الهدف الحقيقي هو الاستعداد لمواجهة محتملة مع إيران.
هذا الطرح يكتسب وجاهته من التصريحات الأخيرة الصادرة عن طهران ، حيث حذّر وزير الدفاع الإيراني من أن “أي دولة تدعم إسرائيل ستدفع ثمنًا باهظًا”، بينما أعلن ممثل المرشد الأعلى أن مضيق هرمز تحت السيطرة الكاملة لإيران ، ملوحًا بإمكانية إغلاقه في حال تعرضت بلاده لأي عدوان. خطوة كهذه قد تشعل أسعار النفط وتدخل الاقتصاد العالمي في أزمة خانقة.
في خضم هذا المشهد ، برزت زيارة مفاجئة قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى السعودية ، حيث التقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ورغم غياب أي إعلان رسمي عن أهداف الزيارة، فإن توقيتها – المتزامن مع التوترات الإيرانية – الإسرائيلية – يفتح الباب أمام تكهنات بأن القاهرة والرياض تسعيان لتنسيق المواقف قبل أي مواجهة إقليمية مرتقبة.
نحو أي اتجاه تسير المنطقة؟
السؤال المطروح اليوم : هل نشهد مقدمات لحرب واسعة قد تنفجر مع حلول سبتمبر أو أكتوبر؟ أم أن ما يحدث لا يعدو كونه رسائل ردع متبادلة قد تنتهي بتهدئة مؤقتة؟
الإجابة ما زالت رهينة تطورات الأيام المقبلة ، غير أن المؤكد هو أن المنطقة دخلت مرحلة جديدة من التصعيد قد تعيد رسم خريطة التحالفات وموازين القوى في الشرق الأوسط