مقالات

إسرائيل تطلق النار على وفد دبلوماسي في جنين : تصعيد خطير يضع تل أبيب في مواجهة العالم

✍️ يوحنا عزمي 

في حادثة غير مسبوقة ، أطلق الجيش الإسرائيلي النار بشكل مباشر على وفد دبلوماسي يضم سفراء ومسؤولين من أكثر من 25 دولة عربية وأوروبية خلال زيارة إلى مدينة جنين في الضفة الغربية المحتلة.

وشمل الوفد ممثلين رسميين من مصر ، الأردن ، فرنسا ، بريطانيا، اليابان، الصين، والاتحاد الأوروبي، كانوا في جولة ميدانية للاطلاع على الأوضاع الإنسانية المتدهورة في المدينة التي تعاني من حصار عسكري إسرائيلي مشدد منذ أشهر.

رصاص مباشر أمام الكاميرات

بحسب شهود عيان ومصادر دبلوماسية ، تعرض الوفد لإطلاق نار حي من قبل جنود إسرائيليين أثناء وجودهم داخل المدينة ما أحدث حالة من الذعر. ولم يُسجل وقوع إصابات، إلا أن الحادثة وصفت بأنها “سابقة خطيرة” تهدد الأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها دولياً.

تبريرات إسرائيلية مثيرة للجدل

الجيش الإسرائيلي زعم في بيان مقتضب أن الوفد “انحرف عن المسار المخصص له ، ودخل منطقة محظورة”، مشيراً إلى أن الجنود “لم يعلموا أن من بداخل المركبات هم دبلوماسيون”. 

إلا أن هذه الرواية قوبلت بتشكيك واسع ، خاصة وأن الحادثة وقعت أمام وسائل الإعلام ، وبحضور حراس رسميين.

ردود فعل دولية غاضبة

تسببت الواقعة في حالة من الغضب العارم داخل الأوساط السياسية الأوروبية والعربية ، خاصة في ظل تصاعد الدعوات خلال الأيام الأخيرة لفرض عقوبات على إسرائيل بسبب حربها المستمرة على قطاع غزة ، والانتهاكات الموثقة بحق المدنيين الفلسطينيين.

تطور لافت في المواقف الأوروبية

الحادثة تأتي في سياق تغير ملحوظ في المواقف الأوروبية تجاه حكومة بنيامين نتنياهو ، إذ شهدت الأيام الأخيرة سلسلة من الإجراءات التصعيدية:

بريطانيا أعلنت وقف مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل، واستدعت السفير الإسرائيلي في لندن ، وفرضت عقوبات على مستوطنين وشركات أمنية إسرائيلية ، وأكدت التزامها بحل الدولتين.

فرنسا وجهت انتقادات غير مسبوقة ، وصرّح البرلمان بأن الوضع في غزة “لا يُحتمل”، مع تلميحات من الرئيس ماكرون بإمكانية الاعتراف بدولة فلسطين الشهر المقبل.

إسبانيا صوت برلمانها على قرار يمنع تصدير السلاح لإسرائيل.

الإتحاد الأوروبي : 17 دولة طالبت بمراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، ما قد يمهد لأول مرة لفرض عقوبات اقتصادية مباشرة.

إعلام إسرائيلي : أزمة دبلوماسية غير مسبوقة

صحيفة “يديعوت أحرونوت” نقلت عن مسؤول إسرائيلي أن البلاد تمر بـ”أسوأ وضع دبلوماسي منذ عقود”، مشيرة إلى أن “صورة إسرائيل الدولية تنهار بفعل استمرار العمليات العسكرية وسقوط الضحايا المدنيين”.

ضغوط حتى من أقرب الحلفاء

حتى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ، المعروف بدعمه المطلق لإسرائيل ، أبدى استياءه ، بحسب صحيفة Times of Israel، من استمرار الحرب ، ويضغط حاليًا لإنهائها وإدخال مساعدات إنسانية ، في مسعى لإنقاذ الرهائن وإنهاء التدهور المتصاعد في صورة إسرائيل الخارجية.

نحو لحظة تحول؟

يرى مراقبون أن ما حدث في جنين، إلى جانب التحولات الأوروبية الجارية، يمثل لحظة فارقة في مسار الصراع، وربما بداية لانهيار “الغطاء الدولي غير المشروط” الذي تمتعت به إسرائيل لعقود. كما تفتح الأزمة الباب أمام تحركات دبلوماسية وسياسية قد تُفضي إلى إعادة صياغة الموقف الدولي تجاه الاحتلال الإسرائيلي.

الحادثة تضع حكومة نتنياهو في مرمى الانتقادات والعزلة، وتطرح تساؤلات حقيقية حول مدى قدرة تل أبيب على مواصلة نهجها الحالي دون خسائر استراتيجية فادحة. 

السؤال المطروح الآن : هل يتحول هذا الضغط المتنامي إلى تغيير فعلي في سياسات الاحتلال، أم أن العالم سيكتفي بالمواقف الرمزية دون ترجمة عملية؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!