✍️ يوحنا عزمي
وثيقة وطنية مفتوحة لإنهاء الهدر ، واستعادة الثقة ، وبناء اقتصاد يُدار بالإنتاج لا بالقروض
تمر مصر اليوم بمرحلة فارقة في تاريخها الحديث. فالأزمة التي نعيشها لم تعد أزمة موازنة أو نقص تمويل ، بل أزمة إدارة الدولة ذاتها.
إنقاذ الوطن لا يكون عبر المزيد من القروض أو التبرعات ، بل عبر إعادة بناء مؤسسات تُدار بالكفاءة والقانون لا بالولاء.
هذه الوثيقة تقدم خارطة طريق شاملة للتحول من دولة تُدار بالاستدانة إلى دولة تُدار بالإنتاج ، ومن غموض الحسابات إلى شفافية القرار والمسؤولية.
2. الأزمة الحقيقية – إنهيار الدولة لا الموازنة
الدولة المصرية تعاني انهيارًا في المنظومة الإدارية والاقتصادية.، وليس فقط عجزاً مالياً.
تُدار موازنات موازية في الخفاء ، وتُنفذ مشاريع بلا دراسات جدوى حقيقية.
تُباع أصول وطنية خلف الأبواب المغلقة ، فيما يتحمل المواطن عبء الفاتورة دون شفافية أو مشاركة.
الحل يبدأ بإعادة تعريف الدولة : من كيان يُدار بالولاء إلى مؤسسة مدنية تخضع للقانون والكفاءة والمساءلة.
3. سيادة القانون – لا حصانة فوق الوطن
تطبيق القانون على الجميع دون استثناء أو امتياز.
إلغاء أي حصانة في الجرائم المالية.
محاكمة كل من تورط في هدر المال العام أو بيع أصول الدولة بأقل من قيمتها.
إنشاء نيابة إقتصادية مستقلة تتبع القضاء مباشرة، للتحقيق في الصفقات المشبوهة وجرائم تهريب الأموال.
تفكيك الكيانات الموازية داخل الدولة ، وإخضاعها جميعًا للرقابة القضائية والمحاسبية.
4. عودة الجيش إلى مهمته الدستورية
حان وقت الفصل الكامل بين المؤسسة العسكرية والنشاط الاقتصادي المدني.
تخارج الجيش من مجالات الإسكان ، والتجارة ، وإدارة الموانئ ، والمناطق اللوجستية ، والمولات ، والفنادق ، والصناعات الاستهلاكية.
تحويل الشركات العسكرية إلى كيانات مدنية شفافة أو تصفيتها إن لم تكن مربحة.
تركيز المؤسسة العسكرية على مهامها الدستورية : حماية الحدود والأمن القومي.
إخضاع الأنشطة الاقتصادية العسكرية للرقابة الكاملة ونشر تقاريرها المالية علناً.
5. موازنة واحدة وشفافة
دمج كل الموازنات في موازنة عامة موحدة تشمل الوزارات، الهيئات ، الصناديق ، الشركات العامة والعسكرية.
عرضها بالكامل أمام البرلمان والمواطن قبل الإقرار.
إلزام أي عملية بيع لأصول الدولة بنشر تفاصيلها : الأصل ، السعر ، الجهة المشترية ، والغرض من البيع.
أي خرق لتلك الإجراءات يُعد جريمة اختلاس يعاقب عليها القانون.
6. رقابة حقيقية لا شهادات شرف
إنشاء الهيئة الوطنية العليا للشفافية والمساءلة تتبع البرلمان، وتتمتع بصلاحية فحص كل الكيانات بما فيها العسكرية، ولها سلطة الإحالة المباشرة للنيابة.
تأسيس وحدة خاصة لمتابعة المشاريع الكبرى تتجاوز قيمتها 500 مليون جنيه ، مع صلاحية الإيقاف الفوري لغير المجدي منها.
اعتبار الهدر المالي جريمة جنائية تستوجب السجن واسترداد الأموال والمنع من تولي المناصب.
7. الصناعة والزراعة أولًا – اقتصاد منتج لا مستورد
الزراعة :
التحول الكامل للزراعة الحديثة المستدامة باستخدام أنظمة الري الذكي والطاقة الشمسية.
دعم المزارعين بالتكنولوجيا الرقمية لمتابعة التربة والمياه والإنتاج.
تمويل مشروعات استصلاح الصحراء بالشراكة مع القطاع الخاص تحت إشراف الدولة.
فرض رسوم على تصدير المواد الخام وتشجيع تصدير المنتجات الزراعية المصنعة.
بناء منظومة رقمية تربط المزارعين مباشرة بالأسواق العالمية.
الصناعة :
حوافز ضريبية وتشريعية للمصنعين الحقيقيين الذين يحققون قيمة مضافة وتصديرًا فعليًا.
إطلاق منصة موحدة لإنجاز تراخيص الاستثمار خلال 72 ساعة.
ضمان استقرار تشريعي لمدة 10 سنوات لجذب المستثمرين.
تخصيص مناطق صناعية متكاملة ومدن متخصصة لكل قطاع إنتاجي.
إنشاء بنك تنموي وطني لتمويل الصناعات والزراعة بقروض ميسرة ، وصندوق لضمان الصادرات.
8. من الدين إلى الشراكة الإنتاجية
إعادة هيكلة الدين العام وتمديد آجال السداد مع خفض الفوائد.
تحويل الديون قصيرة الأجل إلى طويلة الأجل لتقليل الضغط المالي الشهري.
إطلاق مبادرة “الاستثمار مقابل الدين” لتحويل جزء من الديون إلى حصص إنتاجية في مشاريع وطنية.
ضبط الإنفاق العام وزيادة الشفافية بنشر تقارير دورية عن حجم الدين واستخداماته.
9. التعليم المنتج – لا الحفظ ولا الوهم
ربط التعليم بسوق العمل وتطوير التعليم الفني ليصبح رافداً رئيسيًا للإنتاج.
إلغاء المشاريع التعليمية الشكلية التي لا تحقق ناتجاً فعلياً في سوق العمل.
دعم البحث العلمي والتدريب المهني المرتبط بالزراعة، الصناعة ، والتكنولوجيا.
10. الصحة والبيانات – عدالة وشفافية
تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل لكل المواطنين.
إنشاء هيئة إحصاء مستقلة تضمن صدق الأرقام الرسمية.
إطلاق منصة وطنية مفتوحة للبيانات الاقتصادية والصحية لخدمة البحث وصنع القرار.
11. تمكين الشباب والابتكار – جيل يصنع المستقبل
تمثيل الشباب بنسبة 40% في المجالس المحلية ، والهيئات العامة، والشركات الوطنية.
تأسيس صندوق وطني للابتكار لدعم رواد الأعمال في مجالات التصنيع ، الزراعة الذكية ، والطاقة النظيفة.
إعفاء ضريبي لمدة 5 سنوات للمشروعات التكنولوجية والزراعية المتقدمة.
برنامج وطني لرعاية المواهب وتدريبهم على تخصصات استراتيجية.
مراجعة دورية للأداء في المؤسسات كل سنتين ، ومنع القيادات التي تجاوزت 60 عامًا من المناصب دون إنجازات مثبتة.
12. وقف الهدر … ودعم الإنتاج فقط
وقف أي مشروع لا يحقق قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد.
حظر الاقتراض لتمويل مشاريع استهلاكية أو دعائية.
تحويل كل الموارد نحو القطاعات المنتجة والمصدّرة لتحقيق النمو الحقيقي والاستدامة.
مصر لن تُبنى بالقروض أو بالشعارات ، بل بالكفاءة والإنتاج والقانون.
الجيش يبقى درع الوطن لا تاجر سوقه.
الشفافية هي طريق الإنقاذ ، والإنتاج هو طريق النهضة.
الدولة المدنية الحقيقية تبدأ بفصل السلطة الاقتصادية عن العسكرية.
المستقبل يصنعه من يجرؤ على الإصلاح ويمتلك شجاعة بناء ثروة حقيقية لا ورقية.