بقلم: داليا عبدالناصر
الحنين لا يطرق باب الأشخاص
بل يمرّ من ممرات الذاكرة التي لا ننتبه لها.
يظهر فجأة، بلا سبب واضح
كأنه يعرف بالضبط أين نخفي الأشياء التي لم نواجهها.
نظنّه شوقًا لوجهٍ غاب
لكنّه في حقيقته ارتباك داخلي
حين نكتشف أن الزمن لم يأخذ الآخرين فقط،بل بدّل ملامحنا نحن وأن بعض اللقاءات لا تُضيف أشخاصًا إلى حياتنا
بل تفتح فينا مساحات كانت مغلقة.
وحين تنتهي، لا نبحث عمّن رحل
بل نحاول عبثًا إعادة ذلك الاتساع.
نحن لا نفتقد الضحكات،بل خفة الروح التي جعلتها ممكنة.
ولا نفتقد القرب
بل الطمأنينة التي جعلت الحذر غير ضروري.
الذاكرة ذكية،لا تستعيد ما حدث،
بل ما شعرنا به ونحن نُحدِثه.
ولهذا يبدو الماضي أكثر نقاءً،ليس لأنه كان كذلك،
بل لأننا كنّا أقل انقسامًا.
الغياب الحقيقي لا يبدأ بالوداع،بل حين نعود إلى أنفسنا
ولا نجدها كما كانت.
وفي النهاية…لا يعود الحنين سؤالًا عن الغائب
بل اختبارًا خفيًّا للحاضر:
هل ما نعيشه الآن
يسمح لنا أن نكون كاملين كما كنّا؟
فبعض النسخ لا تضيع،إنما تنتظر زمنًا
يعرف كيف يستقبلها…
أو شجاعة
تعترف بأنها لم تُخلق لتبقى.




