ابداعاتخواطر

<<عالقة في خيالي>>

سامية مصطفى عبدالفتاح 

 

أنا فتاة في الثلاثينات، من الأسكندرية، أعيش وحيدة منذُ خمسة أعوام “وهذا ما سأوضحه لكم بعد قليل” عزباء وهذا لم يكن مأزق بالنسبة لفتاةِ من عُمري على عكسِ التيار.

 

منذُ خمسة أعوام بدأت تُطاردني الكوابيس مثلما يطلقون عليها “عائلتي”؛ لكنها لم تكن مجرد كوابيس، كنت أرى أشخاصًا يفعلونَ أشياء لا أعيها جدًا.. لم أستبين ما صنعوه؛ لكني شعرت بالسوء من الصُنع.

 

بدأت بـليلة كاحلة ماطرّة عندما استيقظتُ بغتةً من نومي فزعة لاهثة الأنفاس، كأنني أركض في أرضٍ ضاحلة لا أرى معالم الحياةِ منها، مجرد ظلام.

 

عندما أخبرت أُسرتي بما أراه لم يُصدقني أحد، بل نعتوني بالواهمة، أتوهم أنّ كوابيسي حقيقة تحدث؛ لكنها مجرد أحلام مُزعجة تؤلمني.. تؤرقني.. تستنفذ من طاقتي الكثير. 

 

اِنتهى بيّ المطاف إلى الاِنعزال.. الاِنغلاق.. الاِنطواء بغرفتي على فراشي، اِجتنبت جميع من في البيت، تجنبت الحديث عن كوابيسي تمامًا، أنكرتها.. لم تعد تُراودني أمام عائلتي؛ لكنها أمامي تزورنّي كل ليلة كفتاة تهرول على أحضانِ أُمِها للأمان.

 

وفي النهاية سئمت من تكرارِها، قلبي تفتفت.. اِعتصرته الآلام، أصبحت خائفة، أخاف من نفسي.. من نومي.. ومن غُرفتي، حتى داهمتني فكرة الاِنتقال من المنزل بلا عودة.

 

وجدتُ مسكنً آخر يأويني أنا وهواجسي؛ لكنها اِختفت ما إنّ اِنتقلت لمسكني الجديد، لم أفهم لماذا الآن؟ لماذا بيتي دفعني لأراهم؟ أعائلتي الفاعلة؟ خاصة وأنهم لم يسألوني ثانية عن الأحلام.. حتى من بابِ الواجب.

 

داهمني النوم بغتة بعد أنّ نسيت مذاقه من بداية اللعنة، هرولت للاِفتراش على السرير دون الاِلتفات لأي شيء؛ فأنا حقًا مُتعب.. مُنهكة الفِكر والبدن، غِصتُ في سُباتٍ عميق كنت قد اِشتقت له.

 

هذه المرة زارني أحدهم في نومي العميق؛ لكنه لم يفتعل الأشياء كعادته في كوابيسي، اِقترب ناظرًا لبؤبؤتاي مُباشرةً مفرغًا ثغره عن بسمةٍ كشفت عن أنيابه؛ لكنها لم تُخيفني هذه المرة.

 

اِستيقظت بدون فزع، اِقتبستُ قِسطًا كبيرًا من الراحة اِستنشقتُ الهواء لأولِ مرة من أعوام، أحضرت قهوتي وجلست أختلس نسمات الصباح الرقيقة، وفجأة همس في أُذني بفحيحٍ أفزعني “لقد نِلنا منكِ، فلا تعودي فلن يكن لكِ مِنّا سوى السوء.. دومًا السوء” حينها ابتسمت براحة ناتجة عن فهمي في النهاية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!