سامية مصطفى عبدالفتاح.
فتاة يأست من الحياة، باتت تحلم بالهجرة.. ليست الهجرة أنّ تترك وطنك وتهرول لآخر كي تبني مُستقبلًا مُنيرًا، أحيانًا تكون أنّ تهرب من قعر جحيمك فهي أسمى نوع من الهجرة.
لطالما تمنيت أنّ أخرج من أسرِ أبي، فأنا أكره.. حاولت مرارًا ألا أنجرف لمشاعر البغضاء؛ لكنه فؤادي صعب المراس لا يقبل الترويض، فتاة مثلي عاشت مُطأطأة في بيتِ أبيها ذي الدفئ -مثلما ينعته المجتمع الهرم- تخاف أنّ يكن مهربها ديجورٌ آخر بمعالم أُخرى.
فتاة سئمت من تجرع الآلآم المُطرزة بالخوف، تود لو تتمرد.. تخرج من شرنقتها لعالمِ يُطمئنها.. يحنو عليها.. ويُربطُ على كفيها، لم أنتظر فارس الأحلام بفرسه الخلاب، بل كنت أنا فارسة أحلامي التي سنتنتشلني من بطشِ رجل أبغضه ولم أعد أتحمله.
وددتُ لو بإمكاني الابتعاد لأقصى درجة ممكنة، ألا أعود مرة أخرى، أقسم إنّ حانت الفرصة لن أنظر خلفي قط، فأنا عصفورة جف حلقها من كثرة الزقزقة وتود التحليق دون توقف.
أذكر أني أجفل حينما تتهامس الفتيات أنهن يودن رجلًا مثل آبائهن، أردد داخلي لا أريد رجلًا فالرجال تُحطم الفتيات.. تشعرهن بالتيه.. تزرع بهن خوف يأكل أوصالهن من شدته، لا أريد أنّ أعاني ثانيةً، فقد أنهكني فؤادي.
أود قبسًا من الراحة التي عِشت أنسجها في مخيلتي لحين إطلاق سراحي.
سأرحل يومًا ما وسأبني جدارًا شامخًا يحجبني عن الماضي، سأمحي معالم الألم بممحاتي، مازال في جُعبتي الكثير.