✍️ يوحنا عزمي
لا اتصور ان هناك في العالم من يريد حرباً جديدة في الشرق الأوسط تغير لهذه المنطقة معالمها وتدمر لها مواردها وتغرقها في بحر من الفوضي والضياع وعدم الإستقرار ، سوي إسرائيل وحلفائها الأمريكيين.
فهؤلاء هم من يدفعون بهذه المنطقة إلي الحرب دفعا ، وليس إيران باختلاقهم للذرائع والأسباب لاستعجال المواجهة التي حشدوا لها وما يزالون ، كل ما في ترساناتهم الحربية من اسلحة ، الكثير منها محظور دوليا ولا نعرفه علي حقيقته .. هذه حالة حرب حقيقية تعيش المنطقة اجواءها وسوف تدفع قريبا ثمنا خياليا فيها.
فالحرب القادمة إليها لن تكون هذه المرة كأي حرب حدثت في الماضي .. وسوف تكون من الفظاعة والشراسة والهمجية بمكان او هذا هو ما اتوقعه لها واتخوف منه.
وهذا الحلف الإسرائيلي الأمريكي غير المقدس ، هو الذي افقد الأجهزة الدولية المسئولة عن حفظ السلم والأمن في العالم فاعليتها وجدواها واصابها بالعطب والشلل ، وحال دون تحركها في واحدة من اخطر بؤر الصراع الدولي الساخنة في العالم بالاجراءات والتدابير الوقائية للحيلولة دون إنفجار حرب إقليمية واسعة قد تتحول بسرعة إلي حريق دولي كبير وبكل ما سوف يفضي إليه هذا الحريق من مخاطر كارثية ومن تداعيات رهيبة بلا حدود .. وحيث لن تجد دول كثيرة في العالم وقتها حاجتها من الطاقة والغذاء مع تعطل مراكز الإنتاج وانقطاع خطوط وسلاسل الإمداد ..
فضلا عن احتمال تعرض العالم لموجة جامحة من الركود الاقتصادي التضخمي وبشكل لم يسبق له مثيل .. وهذا قليل من كثير لا بد ان يكون ماثلا في توقعاتنا عن الحرب التي يدفعون المنطقة دفعا إليها الآن.
سعار القوة وجنون الحرب الذي يتجاوز كل حدود العقلانية والمنطق في إدارة الصراعات الدولية مهما كانت ساخنة وخطيرة ومعقدة ، لا يمكن ان تكون الطريق المضمون لتوفير الأمن المنشود لإسرائيل كما يزعم حكامها من الصهاينة المتطرفين ، لإسرائيل وليس إيران او حزب الله ، هي من تضرب المنطقة بقوتها المنفلتة والمفرطة وبطاقة من العنف المسلح الجامح الذي لم يشهد الشرق الأوسط مثيلا له في تاريخه القريب والبعيد.
وإسرائيل وليس إيران او شركائها ، هي من تمسك في يدها بمفاتيح السلم والحرب في هذه المنطقة المهمة من العالم .. وأمنها ليس في خطر وجودي كما يزعمون كذبا في تل ابيب، وإنما هي ذرائع مفتعلة ليفرضوا بها بالقوة ما سوف يكون سلاما إسرائيليا بمعاييرهم ومواصفاتهم لسنوات طويلة قادمة .. سلام إسرائيلي يكونون فيه اهم مراكز القوة وصنع القرار .. وهذا هو مفهومهم للشرق الأوسط الجديد الذي يبشرون العالم به ولا يتوقفون عن الحديث عنه.
ومن جانب آخر ، فإن الحرب التي يخططون لها في واشنطن مع تل ابيب ، لا يمكن ان تكون هي الأخري الطريق الذي يمكن لأمريكا ان تحمي به مصالحها الحيوية في هذه المنطقة الإستراتيجية المهمة من العالم ، وهي التي تأخذ من دولها والخليجية النفطية بالذات ، ما يستحيل عليها ان تاخذه من غيرها دون ان يكون هناك ما تدفعه لها بالمقابل سوي وعود فارغة بحماية أمريكية عسكرية وهمية لها ، وبشراكات إستراتيجية متميزة معها لا وجود لها إلا علي الورق فقط ..
اما الشراكة الإستراتيجية المتميزة الحقيقية فهي مع إسرائيل وحدها .. فهي الحليف والشريك والصديق الموثوق فيه والذي سوف يظل دائما كذلك ..
اما خارج هذه الدائرة الأمريكية الإسرائيلية الضيقة من علاقات الشراكة الإستراتيجية المتميزة فعلا ، فإن اكثر ما يشغل الأمريكيين واجهزة مخابراتهم هو كيفية تخريب باقي دول المنطقة بتصدير الإرهاب الديني المتوحش والعنف المسلح والفوضي العارمة إليها وبتفكيكها وافشال دولها بالصراعات الداخلية والحروب الأهلية المسلحة ، وبتدمير مواردها الاقتصادية والانتاجية وطاقاتها البشرية وباشاعة الإحباط واليأس فيها ، وبكافة أدوات حروب الجيلين الرابع والخامس لتدمير الدول من داخلها دون حاجة للدخول معها في حروب مسلحة مباشرة ، ولأن ذلك كله يصب في النهاية لصالح إسرائيل ، وللابقاء عليها خارج دائرة التحدي في ظل غطاء من القوة والحماية الامريكية لها بلا حدود .. فهي حماية دائمة ومطلقة بكل ما تعنيه هذه الحماية المطلقة من التزام أمريكي تجاه إسرائيل حتي نهاية المدي.
وهو ما يجد أصدق تعبير عملي له الآن في كل هذا الذي يجري وبسابقون به الزمن تحت ذريعة الإستعداد للرد علي تهديدات إيران لإسرائيل.
وهذا هو الموقف الذي نعيشه معهما الآن .. وسوف نكون اكثر من سوف يدفع الثمن للواقع الجديد الذي يخططان له في أمريكا وإسرائيل والذي من أجله حشدوا كل هذه القوات والأساطيل واسراب الطائرات وغيرها من منظومات الصواريخ الباليستبة والمسيرات .. وسوف تأتينا الأيام بالكثير مما كان أمره خافيا علينا او كان تصورنا له علي خلاف الحقيقة والواقع.