بقلم – جلال الدين محمد:-
جلست وحيدًا في الشقة التي أسكنها مع رفاقي، الذين أغلق كلٌّ منهم الباب على ذكرياته في بيت عائلته، وانطلق صوب العاصمة، مطاردًا أحلامه، لعل الدنيا تفسح له مكانًا فيها.
العمل كان نجم السهرة الذي اخترته لتلك الليلة، إلى أن وصل صديقي ومعه شخص لم أره من قبل. تناولنا الطعام، ولكن الساعة لم تُشِر عقاربها للنوم أو العمل بعد ذلك. فما حدث اختلف بعض الشيء يا صديقي، عن الذي كان مُخططًا له.
إن كانت أحد السيدات تقرأ تلك الكلمات، فدعيني، عزيزتي، أخبرك أن الرجال لديهم قدرة فريدة على الوصول لدرجة عالية من التفاعل الاجتماعي، دون الحاجة للكثير من المقدمات التي لا داعي لها. لا تُصدقين؟ دعِ ما يلي يُثبِت لكِ.
دارت محادثة لثلاث ساعات تقريبًا. شعرتُ خلالها وكأني في أحد البرامج السياسية التي نراها على مدار اليوم في القنوات الإخبارية المختلفة. فبين الشأن السوري، واللبناني، والفلسطيني، أخذنا نتنقل بسلاسة كبيرة، ونستعرض الآراء وما وراء الحدث. والحق يُقال إنّ الرجل امتلك شيئًا من البراعة في طرح الأسئلة حول الموضوعات الشائكة.
لا أعلم ما إذا كان ينبغي أن أقدم نفسي كخبير استراتيجي في الفترة المقبلة، على اعتبار أن الرجل انبهر بكل ما كنت أقول، حتى وجهات نظري في النقاط التي اختلفنا فيها.
ثم اتسعت دائرة الحديث، فسأل عن دراستي وعملي. عرفت الكثير أيضًا عن عائلته وأصلها وعمل أبيه، وأن صديقي في الشقة سوف يُصاهر عائلته في القريب العاجل – اتمنى أن يكون زواجًا مباركًا على أي حال – أخيرًا دخل الرجل إلى الغرفة لينام قبل الفجر بقليل.
المشكلة أن المحادثة ينقصها سؤالٌ واحدٌ: ما اسمه؟! حقًا، من هذا الرجل؟ كيف أنسى أن أطرح هذا السؤال كل مرة؟ أخبرتك، عزيزتي القارئة نحن الرجال لا نُبالي بتلك التفاصيل.