مقالات

إنفجار مرتقب في المشهد الإنتخابي .. ثلاثة سيناريوهات تضع مصر على حافة إعادة رسم الخريطة البرلمانية


✍️ يوحنا عزمي

منذ لحظة صدور خطاب الرئيس الموجه للهيئة الوطنية للانتخابات ، والمشهد السياسي يعيش حالة غليان غير مسبوقة. كلمة واحدة مثل : “التدقيق الكامل” أو عبارة  مثل: “إذا تعذر التأكد من الإرادة الحقيقية للناخبين” كفيلة بأن تهز سباقاً انتخابياً امتد عبر أسابيع ، ليجد المرشحون والدوائر والرأي العام أنفسهم أمام ثلاث طرق لا رابع لها .. وكل طريق منها قد ينتهي بزلزال سياسي.

في الساعات القادمة ، كل الأنظار تتجه إلى الهيئة الوطنية للانتخابات. والسيناريوهات المطروحة ليست عادية ، بل تحمل في طياتها احتمالات قادرة على إعادة تشكيل البرلمان المقبل من جذوره.

السيناريو الأول : الإلغاء الكامل للمرحلة الأولى “القنبلة النووية”

هذا هو السيناريو الأكثر تطرفاً ، والأكثر إثارة للجدل ، والأكثر تكلفة سياسياً وإجرائياً.

لماذا قد تلجأ إليه الهيئة الوطنية للانتخابات ؟

إذا تبين أن حجم الشكاوى والطعون والوقائع المثارة يتجاوز قدرة التحقيق الجزئي.

إذا ثبت وجود مخالفات ممنهجة في أكثر من دائرة ، تجعل النتائج المتداولة غير معبرة بدقة عن إرادة الناخبين.

إذا كانت هناك ضغوط سياسية أو حقوقية أو إعلامية لخلق صورة “نموذجية” عن نزاهة الإنتخابات ، خاصة بعد خطاب الرئيس.

رد فعل المرشحين إذا تم إلغاء المرحلة الأولى بالكامل

العائدون بقوة إلى المنافسة

المرشحون الذين كانوا خارج الصورة أو حصلوا على أصوات ضعيفة ، سيعتبرون القرار “هدية من السماء”، وسيعودون للمشهد بقوة تمويلية وإعلامية مضاعفة.

الغاضبون من القمة

المرشحون المتصدرون أو فائزو الجولة الأولى لن يلتزموا الصمت.

سيخرج بعضهم ببيانات شديدة اللهجة ، وقد يتحدثون عن “إهدار إرادة الناخبين” أو “مؤامرات سياسية”.

الناخبون أنفسهم

جزء سيشعر بالإرهاق … لكن جزءًا آخر سيعتبر الإعادة دليل قوة للدولة وحرصها على النزاهة.

والمشاركة قد تزداد ، لا تقل.

السيناريو الثاني : التحقيق الشامل دون إلغاء “الهدوء الذي يخفي العاصفة”

هذا السيناريو الأكثر اتزاناً والأكثر ترجيحاً في حال لم يثبت وجود مخالفات كبيرة ، لكنه أيضاً السيناريو الأكثر غموضاً.

كيف يعمل؟

الهيئة تبدأ تحقيقاً موسعاً في الشكاوى والطعون.

تستدعي مستندات ، مسؤولين ، لجان فرعية ، وربما تستعين بتسجيلات كاميرات أو محاضر الفرز.

وفي النهاية تصدر بياناً : إما بتأكيد النتائج كما هي أو بإجراء تعديلات طفيفة في بعض اللجان.

رد فعل المرشحين

الفائزون سيعتبرون هذا السيناريو “انتصاراً للنظام الإنتخابي” وسيطالبون الجميع بالتهدئة.

المرشحون الخاسرون سيخرجون باتهامات بأن التحقيق  كان “شكلياً”، وسترتفع نبرة التصعيد الإعلامي ، وسيشعلون مواقع التواصل بالوثائق والمقاطع والشهادات.

لكن الأخطر : إذا شعرت الهيئة أن نتائج التحقيق غير كافية لطمأنة الرأي العام .. فقد تجد نفسها مرغمة على الانتقال نحو السيناريو الثالث.

السيناريو الثالث : إلغاء بعض الدوائر “الجراحة الدقيقة”

وهذا هو السيناريو التي قد تختاره الهيئة إذا أرادت أن تعالج الأزمة بحدها الأدنى دون أن تهدر المرحلة بالكامل.

متى يحدث؟

عند وجود دوائر تحيط بها شبهات قوية أو تنافسية ملتهبة أو تضارب واضح في محاضر الفرز.

عند اكتشاف مخالفات مثل :

شراء أصوات ، تجاوزات في الدعاية ، تعطيل اللجان ، اختفاء محاضر أو تضارب أرقام.

رد فعل المرشحين في الدوائر المعاد انتخابها

المرشحون أصحاب النفوذ في الدائرة سيعتبرون الإلغاء استهدافاً مباشراً لهم ، وسيحشدون الشارع للتعاطف معهم.

المرشحون الصاعدون سيرونه فرصة ذهبية لإعادة التنافس من جديد.

والهيئة من جانبها ستؤكد أن القرار “إجرائي ومحايد”  لضمان الإرادة الحرة للناخبين.

أما خارج الدوائر الملغاة؟

الرأي العام سينقسم بين من يرى أن الدولة تحارب الفساد الانتخابي ، ومن يرى أنها تتدخل لإعادة توزيع المقاعد.

ما الذي ستفعله الهيئة فعلاً ؟

بناءً على لهجة الخطاب الرئاسي ، وعلى حجم النقاش المشتعل في الشارع والبرلمان والإعلام ، فإن الهيئة أصبحت أمام ضرورة إتخاذ خطوة حقيقية ، لا يمكن أن تكون مجرد بيان “طمأنة”.

الأكثر ترجيحاً الآن

إلغاء دوائر محدودة .. فتح تحقيق موسع

مع إعلان إجراءات جديدة أكثر صرامة لضبط المرحلة الثانية.

لكن هذا لا يلغي إحتمال المفاجآت.

فالقرار ، أي قرار ، لن يكون إدارياً فقط ، بل سياسياً بأمتياز ، يحمل رسائل داخلية وخارجية عن نزاهة العملية الانتخابية في مصر.

من وجهة نظري .. الإحتمال الأكثر ترجيحاً الآن

هو أن تتجه الهيئة الوطنية للانتخابات نحو “إلغاء بعض الدوائر” (السيناريو الثالث)، مع فتح تحقيق موسع ، وليس إلغاء كامل للمرحلة الأولى.

عدد التظلمات محدود حتى الآن 

رئيس الهيئة قال إن التظلمات التي تم تلقيها وصلت إلى 88 تظلماً فقط حتى الآن.

هذا عدد مهم ، لكنه ليس هائل لدرجة أن الإدارة بالكامل تبدو “ملغاة بالكامل بطريقة مقبولة سياسيا” دون أن يثير ذلك استياء كبير من جانب مؤيدين الذين صوتوا.

من المنطقي أن الهيئة تختار معالجة ما يمكن معالجته بدقة بدلاً من مخاطرة إلغاء كامل قد يكون له تكلفة شرعية وإعلامية كبيرة.

خلاصة التوقع المحتمل

أعتقد أن الهيئة ستعمل على التوازن – تحاول إصلاح ما يمكن إصلاحه من خلال إلغاء بعض الدوائر وإعادة فرز أو إعادة تصويت محلي ، دون المخاطرة بإلغاء شامل للمرحلة الأولى بالكامل. هذا السيناريو يعطيها مساحة سياسية وتحكم فني ، ويحافظ على بقاء العملية الانتخابية شرعية إلى حد كبير.

مهما كان السيناريو الذي ستتجه إليه الدولة ، فإن المشهد الإنتخابي على وشك أن يدخل أكبر لحظة اختبار منذ سنوات.

والمرشحون الآن يعيشون حالة ترقب شديدة ..

هل يعلنون فوزاً .. أم يستعدون لإعادة .. أم يواجهون إلغاءً كاملاً.

وفي كل الحالات .. الساعات القادمة ستكون عاصفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!