✍️ يوحنا عزمي
أثناء تأديب مصر للتنظيمات الإرهابية في درنة 2015 في واحدة من أسرع وأكبر الضربات الرادعة المصرية للتكتل المُعادي انتشرت تقارير كتيرة وقتها عن شن مصر لعملية إنزال نوعية للقوات الخاصة في درنة قبل الهجوم ، ليكون التأديب المصري جوا وبراً في ضربة يقف عندها التاريخ طويلاً ..
ليس لتأثيرها فحسب وإنما لأنها كانت بمثابة إعلان للقاصي والداني بأن مصر لن تتردد أبداً في استخدام القوة للدفاع عن أمنها وشعبها في أي مكان بالعالم.
وبرهان على كفاءة القوات الخاصة المصرية المحمولة جوا وقدرتها على تنفيذ مهام دقيقة خلف خطوط العدو بكفاءة عالية وبعد الضربة المصرية في درنة بسنة بدأ الجيش المصري مناورات دورية مع الجيش الروسي ، المناورات دي اسمها حماة الصداقة واختصت بعناصر المظلات والقوات الخاصة ..
المناورات دي بدأت في أكتوبر 2016 وكانت من أهم المناورات اللي أجراها الجيش المصري ، لأنها شهدت تأسيس القوة المصرية المحمولة جوا في شكلها الجديد.
طيب إيه علاقة تأسيس القوة المصرية المحمولة جواً بالضربة المصرية في درنة الليبية في 2015 ؟
وماذا يعني امتلاك مصر لقوة محمولة جواً ؟
وإيه علاقة امتلاك مصر لقوة محمولة جواً بتأسيس وامتلاك قوات مشاة للبحرية على متن حاملات الطائرات ميسترال؟
وهل مصر قادرة على فرض نفوذها في محيطها الإقليمي؟
وإيه هي قدرات مصر في الإنزال الجوي والهجوم البرمائي الكبير؟
الإجابة على التساؤولات دي بتبدأ في طبيعة المعركة اللي بتواجهها مصر.
طيب إيه طبيعة المعركة دي؟.
التكتل المُعادي للدولة المصرية وده تكتل بيضم دول دولية وإقليمية وتنظيمات سرية بتسيطر على دول ..
لما بدأ هجومه على المنطقة وعلى مصر خاصة في 2011 وما بعدها ، استخدم تكتيكات حروب الجيل الرابع ، اللي بتعتمد على تجنب المواجهة العسكرية المباشرة مع الجيوش ، في مقابل صناعة تنظيمات مسلحة وإرهابية تقوم باستنزاف الدول المستهدفة ..
وشوفنا ده في الميدان السوري .. إزاي مئات من التنظيمات الإرهابية دمرت قدرات الجيش السوري.
وإزاي السيناريو ده حاولوا تنفيذه في مصر بمحاولة توطين الإرهاب في سيناء وزراعته على حدود مصر خاصة الغربية في شرق ليبيا وبعدها في شمال السودان .
التنظيمات الإرهابية دي هي صنيعة الغرب من الألف للياء قولا واحداً ، ولو تتبعنا امتى بتظهر وامتي بتختفي ، ولما بتظهر بتستهدف مين هتشوف بوضوح إنها بتنفذ أجندة الغرب سواء في استهداف روسيا زي ما شفنا داعش خرسان أو مسار طريق الحرير الصيني أو حتى الجيوش الوطنية اللي بتحاول التحرر من بقايا الإستعمار الغربي وخاصة الفرنسي في غرب إفريقيا لكن عمرها ما بتضرب مصالح غربية أو إسرائيل مثلا وبتعتمد على أساليب حرب العصابات والانتشار في مختلف مناطق الإقليم ونظرا لأن التنظيمات الإرهابية بتكون خفيفة وسريعة الحركة مقارنة بالجيوش النظامية الثقيلة ، فكانت خسائر مواجهة الدول المستهدفة للتنظيمات دي كبيرة جدا.
يكفي أن تعلم ان الخسائر اللي ألحقها ما يُسمي بالربيع العربي أو بالأحري العبري ، بالدول العربية حتى العام 2016 ، كانت فوق الـ 600 مليار دولار ..
من هنا أدركت مصر إن المواجهة مع التكتل الدولي المُعادي لازم لها امتلاك أدوات للقوة ، تكون سريعة الحركة والانتشار وتقدر تحقق الردع في نفس الوقت اللي تحقق فيه الهجوم والمناورة السريعة .. ومش بس داخل حدودنا كمان خارج حدودنا ..
وللحق إن مصر أدركت ده من بدري أوي .. يعني مش هكون ببالغ لو قولت إن الجيش المصري استعد لموجة الهجوم على المنطقة في 2011 من التسعينات على أقل تقدير.
طيب ايه هي أدوات القوة السريعة اللي تحتم على مصر امتلاكها للمواجهة ؟
أولاً : امتلاك قوات للتدخل السريع قادرة على المناورة والوصول لأي مكان في مصر ، وتم تأسيس قوات التدخل السريع رسميا في مارس 2014.
ثانياً : امتلاك قدرة الهجوم والانزال البرمائي وده تم بامتلاك مصر لحاملات الطائرات ميسترال .. فهي ليست مجرد حاملات للطائرات وإنما قاطرة لتنفيذ الهجمات البرمائية في سواحل المنطقة لقدرتها على حمل حوالي ألف مقاتل بكامل تجهيزاتهم القتالية بما فيها العشرات من الدبابات والمدرعات ووحدات الدفاع الجوي المتحركة والمدافع ذاتية الحركة على متن الحاملة لمدة بقائية وإعاشية عالية.
ثالثاً : امتلاك قوات محمولة جواً .. تنتشر بسرعة البرق في أي مكان بالإقليم والعالم.
وهنا حد ممكن يقولي ما احنا عندنا قوات المظلات والقوات الخاصة وبيهم قدرنا ننكل بإسرائيل في ممر مثلاً في حرب أكتوبر وحققنا الإعجاز بيهم في صد الهجوم الاسرائيلي المضاد ، فلأول مرة في التاريخ يتغلب جندي المشاة على المدرعة والدبابة كان في حرب أكتوبر وبواسطة قواتنا الخاصة والمظلات.
هقوله إن قوات المظلات حاجة ، والقوة المصرية المحمولة جواً حاجة تانية.
القوة المصرية المحمولة جواً ، تعني أن تقوم بإسقاط المدرعات والآليات المتوسطة والثقيلة بجانب الأفراد.
وتعني أيضا أن تكون هذه القوات مدربة تدريب عالي جداً في مهام السيطرة على المدن والبلدات وتجيد معارك الصحاري والوديان ومعارك السواحل والثغور.
وهنا نرجع لأهمية مناورات حماة الصداقة مع روسيا اللي شهدت تدشين مصر لقواتها المحمولة جوا بشكل جديد. لأن في المناورات دي بدل ما مصر كانت لديها خبرات إسقاط المعدات الخفيفة والأفراد .. بقي عندها جراء مناورات حماة الصداقة مع الجانب الروسي ، خبرة إسقاط الآليات المدرعة المتوسطة والثقيلة من الجو دبابات ، مدرعات ، ناقلات جند ، مدافع هاتزر ، وحدات دفاع جوي ذاتية الحركة ، راجمات صواريخ .
وبكده ينزل فوق رؤوس العدو ليس فقط أفراد القوات الخاصة والمظلات .. وإنما عتاد ثقيل من المدرعات والمجنزرات عبارة عن جيوش صغيرة متنقلة.
وهنا نقدر نفهم ليه مناورات حماة الصداقة استمرت من 2016 لحد انهاردة لأنها شهدت التدريبات الآتية :
• ممارسة القتال بهدف محاصرة تشكيلات مسلحة غير قانونية والقضاء عليها في منطقة صحراوية.
• ملاحقة فلول عصابات مسلحة وقطع قنوات الإمداد الخاصة بها في منطقة حدودية.
• السيطرة على بلدات ومدن ساحلية وتحريرها من مسلحين.
وهنا في سؤال بيفرض نفسه : إذا كان قوام قوات المشاة البحرية المصرية يتمثل في حاملات المروحيات ميسترال .. فـ إيه هو قوام القوات المصرية المحمولة جواً ؟
الإجابة تتلخص في أسطول مصر من طائرات النقل العسكري التكتيكي اللي بيتجاوز ٣٠٠ طائرة .. أبرزهم من مروحيات الشينوك أو طائرات السي 130 أو كاسا 295 وده يفسرلنا اهتمام مصر الفترة الأخيرة بتعزيز أسطولها من طائرات النقل التكتيكي بعدة صفقات ضخمة كان آخرها على سبيل المثال وليس الحصر توريد 12 طائرة سي 130 سوبر هركليز ، و ٢٤ مروحية شينوك اف 47 بجانب شراء مصر لطائرات الاليوشن 76، وتفاوضها على شراء طائرات النقل العسكري الأوروبية ايرباص ايه 400 إم.
ده طبعا بجانب أسطول مصر من طائرات النقل العسكري سي 130 وكاسا 295.
وعشان تعرف قدرات طائرات النقل التكتيكي العسكري المصري شوف مثلا قدرات الطائرة السي 130 قادرة على حمل 19 طن من حمولات الجنود والمعدات .. من ضمنهم 128 فرد مقاتل أو 92 من قوات المظلات طبعا بجانب المعدات والآليات.
مدى الطائرة الاقصى 4425 كم .. فتخيل اسطول مكون من 20 طائرة سي 130 ممكن يعمل ايه .. ده طبعا بجانب مروحيات الشينوك اللي تقدر تشيل 12 طن معدات وأفراد ومداها 1600 كم ..
الشينوك 47 إف مروحية نقل تكتيكي للقوات والمعدات والمؤمن متعددة المهام .. تعمل في جميع الظروف الجوية ، لديها القدرة على حمل من 30 لـ 50 عنصر مقاتل من القوات الخاصة بكامل تجهيزاهم القتالية .. أو شحن ونقل 12 طن من المعدات سواء دبابات أو مدرعات أو مدافع ، وده بيرجع لسطح المروحية اللي بيقدر يتغير ويتشكل على حسب الحمولة .. لذلك المروحية تقدر تشحن مدافع مقطورة .. متعلقة في بدن المروحية .. وتقدر تشحن مدفع هاوتزر بجانب عربة هامفي .. او تقدر تشحن عدد 2 عربة هامفي مع بعض.
المروحية مزودة بأحدث أنظمة الكترونية واتصالاتية المعروف باسم سي أيه أيه اس واللي بيتضمن الاتي :
خاصية نقل بيانات الرحلة اللي بتربط المروحية بكل تفاصيلها مع مراكز القيادة والمقاتلات الصديقة.
نظام مقاوم للتشويش على أجهزة الاتصالات والرادار.
نظام متطور لتعريف العدو من الصديق.
انظمة متطورة للتحذير من الصواريخ.
أنظمة مستشعرات لمعالجة ورسم التضاريس ووضع خريطة متكاملة أمام الطيارين .. ويمكن تزويدها أيضا بمدفع رشاش.
وعشان كده مصر ابتدت تصنع منظومة جندي القرن الحادي والعشرين .. عشان تكون تشكيلاتنا القتالية مجهزة بأفضل تجهيز تكنولوجي في الحروب الحديثة ومعارك حروب الجيل الخامس .
المنظومة دي ببساطة هي شدة تكنولوجية جنب الشدة القتالية شدة تكنولوجية لتوفير اتصال سهل وآمن بين الجنود ومركز القيادة بما فيه ذلك من إرسال البيانات ووصولا حتى إلى محادثات الفيديو والبث الحي لما يجري في المعركة من خلال مكونات المنظومة.
الشدة التكنولوجية دي بتتكون من 11 مكون.
منظار التهديف وجهاز الرؤية الحرارية D-27 ..
المنظار بيخلي الجندي قادر على كشف الأهداف
حتى مسافة 3.2 كم للمركبات ، و1.1 كم للأفراد
جهاز للرؤية الليلية المحمول يدويا ، للتعرف على الدبابات من مسافة 4 كم.
جهاز الكمبيوتر العسكري المحمول على اليد أو جهاز التابلت ساعة عسكرية ذكية تعمل على تحديد ومتابعة وظائف الجسم وتحديد موقع الجنود لمركز القيادة.
جهاز الاتصال اللاسلكي المؤمن والذي يوفر حيز اتصال في نطاق الترددات فوق العالية تصل إلى 1.4 جيجا هرتز ، ويستطيع نقل وتبادل مختلف البيانات من بينها محادثات الفيديو والبث المباشر من داخل المعركة.
وأخيرا تم تزويد المنظومة بمسيرات صغيرة للقيام بأعمال الاستطلاع التكتيكي في المعركة وتزويد الجنود برؤية جوية للمعركة وتحديد الأهداف بدقة.
وبكده مصر يكون عندها قدرة هجوم برمائي .. وقدرة إنزال جوي يعني تقدر تواجه وتقوم بالردع في السواحل والعمق على حدٍ سواء ، وعشان تفهم أكتر اهمية امتلاك مصر لقوات محمولة جوا بالقدرات دي شوف بؤر الصراع حوالينا .. من ليبيا للسودان لغزة لسوريا والصومال.
هل مصر كانت هتستني مثلا تحصل حرب في السودان بدون ما يكون عندها قدرة الوصول إليها بقوات محمولة جوا ؟.. نفس الكلام علي ليبيا.
القوات المحمولة جوا بتختصر العامل الجغرافي .. وفي خلال ساعات بتكون كتائب من قوات المشاة الميكانيكية قادرة على الوصول لأي نقطة في الإقليم.
وخلي بالك برضه إن القوات المحمولة جوا لن تعمل منفردة بل وجودها بيكمل وجود قوات مشاة البحرية على ظهر الميسترال بالإضافة لمقاتلات بعيدة المدى تقدر تعمل تغطية للقوات العاملة على الأرض وده تحقق بمقاتلات الرافال.
في النهاية .. وقائع التاريخ بتثبت أن الاستثناء حقيقة تاريخية ومصر دوما استثناء .. رغما عن أنف كل جاهل مدعي .. والتاريخ سيثبت ذلك مهما طال الزمان.