سامح بسيوني
في ليلة عاصفة تنذر بالخطر والوجل ووحشة في المكان، ورياح تشتد عند الفجر وحفيف الأشجار يملأ الكون إنذارًا ووعيدًا ووجلًا وفرقًا، وصوت الضفادع من جدول صغير يكمل لوحة الخوف والهلع في الحال.
والرعب يملأ القلوب وجلةً وخوفًا، فكنت قنديل الليل؛ لأحدثه في أمور أختفت مع محاق القمر فزداد الظلام في الكون كقطع من الليل مظلم فلا يكاد يرى يده إلا بالكاد.
عندئذ، خرجت بمعطفي احتمي به من شدة الرياح، واختفى الناس من حولي وصرت أخر العنقود لا ونيس ولا جليس.
والرياح تشتد إلى أقصى سرعتها منذرة بخطب شديد، وولع يملأ الصدور والقلوب، وكأنها ريح عاد تنذر بالحسوم والأوزار، لطالما وقفت بثبات كشجرة في غابة لا تهتز مع شدة الرياح وأغصانها ترقص رقصة الجبان من الخوف، وحفيف الأشجار يطرب طرب الحزين على الاطلال.
لذلك وقفت شامخًا أمام الاهوال لا أخشى ظلمًا ولا خسران، وتوارت وسكنت في أحضاني جمعًا من الحيوان، وزدادوا دفئًابعدما فقدوا الطمأنينة في الحياة، فبرغم برودة المكان إلا أنهم وجدوا السكنية والأمان.
وظللت أبحث عن الإنسان في غابة مليئة بالأخطار فلم أجده وغاب مع غروب الشمس في كبد النهار.
وانشغل الإنسان بمتاهات الحياة وأصبح لا يحك رأسه؛ لكثرة مشاغله، والدنيا عنده هي أكبر الهموم وهي مصيبته في هذا الزمان.
وأصبحنا لا نرى كثيرًا من الرماد، واختفت الفئران وسيطر الجوع والعطش على المكان، وأصبح الإنسان كنوى الزيتون لا خير فيه ولا احسان.
أين أنت أيها الانسان؟ كنت في سالف الدهر أبيض وبيضاء، وكنت ناعم الكفين مترف العيش في الحال، فأصبحت الآن في حال لا يرثي له من شدة الوحشة والغلاء وأختفيت مع عاصفة شديدة البأس والغليان.
ولكن أرى من بعيد فارس لا تخطئ سهامه يبشرني بقدوم الإنسان، ولكن بشرط أن يرحل المسترحون من الجهلاء، ويعود الحبر في القلم بعدما جف حبره وغاب عن الحياة، وسطع أناس لا يستحقون الحياة، فطغو وأكثروا في الأرض الفساد.
ولكن أسمع من بعيد صوت الفجر محمل بالٱمال، وبساط سليمان جاء بعمر؛ ليعيد لنا الحياة فيضع ميزان الحق للأنام،
وتهدأ عاصفة الظلم والطغيان، ويستطيع الإنسان العيش في الحياة، تحت مظلة لاتهتز بريح ولا بظلم الإنسان.