✍️ يوحنا عزمي
في الأسبوع الأخير ، بدأ أن لعبة الشطرنج الجيوسياسية ضد مصر تحركت خطوة أكثر جرأة. خمس سفارات مصرية من لاهاي إلى بيروت ، مروراً ببرلين وإسطنبول ، شهدت وقائع إغلاق قسري ، احتجاجات مشبوهة ، وحملات منظمة تطالب بـ”فتح معبر رفح”.
لكن خلف الشعارات الإنسانية ، اختبأت معركة أخطر : محاولة كسر إرادة الدولة المصرية عبر أدوات ناعمة ومرعبة في آنٍ واحد.
إغلاق 5 سفارات في أسبوع : صدفة؟ أم تنفيذ لخطة دولية محكمة؟
أن تُغلق سفارة أو تُحاصر أمر وارد في عالم السياسة ، لكن أن تُشل خمس بعثات دبلوماسية لدولة كبرى مثل مصر في أسبوع واحد ، فتلك ليست مصادفة … بل ساعة صفر تم الاتفاق عليها مسبقًا.
المثير أن الحراك بدأ بتسلسل زمني متناسق :
الإثنين : مظاهرات في لاهاي
الثلاثاء : اقتحام جزئي لسفارة بيروت
الأربعاء : اعتصام أمام القنصلية في إسطنبول
الخميس : محاولة اعتداء على موظفين في برلين
الجمعة : اقتحام ساحة السفارة في أثينا
الهدف الظاهر؟ فتح معبر رفح لإنقاذ أهل غزة.
الهدف الخفي؟ تصوير مصر كعائق إنساني ، ودفعها إلى حافة الإحراج الدولي ، ثم الفوضى.
الجاليات المصرية .. أداة أم ضحية؟
هنا تظهر يد محترفة في التلاعب بالجاليات. فالشباب المصريون في الخارج لم يخرجوا جميعًا بدافع ذاتي.
جهات إعلامية وحركات “حقوقية” جديدة ظهرت فجأة ، نظمت الحشود ، مولت النقل ، ودعمت رسائل موحدة على السوشيال ميديا.
تم استدراج شباب مصري للواجهة ، بينما التمويل والتوجيه كانا قادمين من مراكز ضغط غربية ، وبعضها محسوب على جماعة الإخوان ، بحسب تسريبات إعلامية متقاطعة مع تقارير استخباراتية.
السفارات : من أدوات دبلوماسية إلى مسارح عمليات إعلامية
السفارة في القانون الدولي تمثل الدولة ذاتها. لذا ، عندما تُحاصر أو تُقتحم ، فهي ليست أزمة سياسية فقط ، بل انتهاك مباشر للسيادة المصرية.
الأزمة الحالية أبرزت تحول السفارات من مواقع هادئة إلى مسارح لتصوير مباشر ، بث حي ، وصناعة “فضيحة دولية”.
الكلاب الإعلامية في الخارج كانت تنتظر صورة واحدة لتقول : “ها هي مصر تُخنق غزة”
الخسائر : اقتصادية ، أمنية ، وسيادية
1. اقتصادياً : تعطيل السفارات يعني توقف المعاملات القنصلية ، وتجميد استثمارات ، وعرقلة تحويلات.
2. أمنياً : تسرب معلومات حساسة ، خطر على حياة الدبلوماسيين ، وتسهيل تجنيد جواسيس أو عملاء.
3. سيادياً : كل اعتداء على بعثة دبلوماسية هو ضربة مباشرة لهيبة الدولة في الخارج.
من المستفيد؟ إسرائيل تغير الرواية
الغريب أن إسرائيل ، المتهم الأول في حصار غزة ، انسحبت من دائرة الاتهام تدريجيًا ، بل بدأت تروج عبر أدواتها الإعلامية أن :
“مصر تمنع الغذاء عن غزة … مصر تغلق المعبر”
في ظل هذا التصعيد الخارجي ، نقلت إسرائيل السجال من تل أبيب إلى القاهرة ، وجعلت من مصر العقبة السياسية بدلاً من كونها الوسيط المحايد.
معبر رفح .. بوابة إنسانية أم خنجر في خاصرة الدولة؟
المشهد لم يعد إنسانياً فقط. ففتح المعبر دون تنسيق أمني كامل ، يعني حرفياً :
إدخال عناصر مسلحة
تهريب معدات متفجرة
تمدد لمليشيات تابعة لحماس أو جهات إيرانية
وهنا بيت القصيد : الضغط لفتح المعبر دون شروط ، ليس دعمًا لغزة ، بل فتح ثغرة في أمن سيناء بالكامل ، وتحويلها إلى ساحة مواجهة إقليمية بالوكالة.
في الختام : خفايا المعركة أكبر من الهتاف
ما يحدث أمام السفارات ليس مجرد “احتجاجات”، بل مخطط خبيث لكسر صورة مصر الخارجية وضرب عمقها الأمني في سيناء.
من اللافت أن التوقيت يتزامن مع تحركات إسرائيلية على حدود غزة ، واحتكاكات متصاعدة مع حزب الله ، وارتباك إقليمي بشأن الملف الفلسطيني.
مصر تواجه الآن حرباً ناعمة شرسة .. عنوانها “فتح المعبر”، وهدفها الحقيقي “إسقاط الهيبة”.