مقالات

كيف قد يُغير التحالف الأمريكي – السعودي مستقبل الشرق الأوسط؟

✍️ يوحنا عزمي

ما سيحدث في المنطقة العربية والشرق الأوسط بعد التوقيع على ميثاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، والذي يشمل مجالات الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي والاستثماري بمبالغ ضخمة تصل إلى أرقام تريليونية غير مسبوقة ، بالإضافة إلى مجالات الذكاء الاصطناعي وصناعة الرقائق فائقة الحساسية والطاقة النووية ، وغيرها من القطاعات الحيوية ، يمثل تحولًا تاريخيًا له أبعاد متعددة وتداعيات كبيرة على الصعيدين الإقليمي والدولي ، وربما تفوق تأثيراته كل ما يمكن أن نتخيله أو نتوقعه في الوقت الحالي.

فهذا التحالف الاستراتيجي ، الذي قد يبدو على سطحه وكأنه مجرد اتفاق ثنائي بين طرفين محددين ، في الواقع يتجاوز هذا الإطار بكثير ، وسوف يتطور بوتيرة أسرع مما قد يتم تقديره.

الأدوار الإقليمية لبعض الدول ستتوسع وتتعاظم، بينما ستتقلص وتتراجع أدوار أخرى ، في عملية واضحة لإعادة توزيع مراكز القوى بناءً على قربها أو بعدها عن المركز الجديد للنفوذ المشترك بين أمريكا والسعودية.

وهذا المركز الجديد ، الذي سيصبح نقطة ارتكاز إقليمية مهمة، لن تكون إسرائيل بعيدة عنه بطبيعة الحال، نظرًا لما ستجلبه هذه التحولات من انعكاسات مباشرة على مواقفها وأدوارها في المنطقة.

أما ما أعلنه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن هذا التحالف ، فقد جاء بصيغة جديدة وغير مسبوقة ، تحمل في طياتها مؤشرات تحولات خطيرة على مستوى المنطقة ، وتدعو إلى الوقوف عندها وتحليل أبعادها بعناية.

فقد لم يأتِ كلامه من فراغ ، بل كان يعكس خططاً واستراتيجيات جديدة ، تقوم على أسس مختلفة تماماً    عن السابق ، وتبني شبكة متشابكة من التحالفات والروابط الإقليمية التي قد تمتد لتشمل مناطق واسعة ، وتوجهها في مسار جديد مختلف تمامًا عن الذي عرفته المنطقة سابقًا.

هذه الاستراتيجية الجديدة تهدف إلى إعادة ترتيب المشهد الإقليمي ، وتحقيق قدر أكبر من السيطرة والتأثير في اتجاهات السياسة والاقتصاد والدفاع ، بما قد يعيد رسم خارطة النفوذ بشكل ملموس على الأرض.

وعلى الرغم من أن التفاصيل الدقيقة لهذه الخطط قد لا يكون الوقت أو المكان مناسبًا للخوض فيها بالكامل ، إلا أن من الضروري أن نبدأ نحن هنا في مصر في تقييم ما سيترتب على هذه التحولات الإقليمية الجديدة من آثار علينا ، سواء كانت إيجابية أو سلبية ، وذلك لتحديد موقفنا الصحيح منها ، ومعرفة مدى قدرتنا على التكيف معها أو التأثير في مسارها بما يخدم مصالحنا الوطنية.

وما يمكن قوله اليوم هو أن المنطقة تقف على حافة تغييرات جذرية ، تم التخطيط لها منذ فترة، وبدأت بوادرها تتضح تدريجيًا في المشهد السياسي والاقتصادي والأمني، وما علينا إلا أن نراقب كل هذه التطورات بعناية ، ونحافظ على وعي شامل بكل ما يجري حولنا ، لكي نفهم الصورة الكاملة للأحداث ، ونستطيع التعامل معها بوعي وحنكة بما يضمن مصالحنا ومكانتنا في هذا الواقع الإقليمي الجديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!